بعد حظر مائة عام.. باريس تسمح بالسباحة في نهر السين

  • تاريخ النشر: الأحد، 06 يوليو 2025
بعد حظر مائة عام.. باريس تسمح بالسباحة في نهر السين

لأكثر من 100 عام، كانت السباحة في نهر السين محظورة بسبب مستويات التلوث المرتفعة التي جعلت مياهه غير آمنة للاستخدام البشري. فمع تطور المدينة صناعياً وسكانياً، أصبح النهر يستقبل كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي والنفايات، مما جعله بيئة غير صالحة للسباحة أو حتى الحياة المائية. وبالرغم من مكانته التاريخية والسياحية في قلب باريس، ظل نهر السين محرومًا من أن يكون موقعًا للأنشطة الترفيهية المائية لعقود طويلة.

لكن هذا الوضع بدأ يتغير عندما أطلقت السلطات الفرنسية مشروعًا بيئيًا ضخمًا بلغت كلفته حوالي 1.4 مليار يورو، بهدف تنظيف مياه النهر وإعادته إلى حالته الطبيعية. وتم تنفيذ المشروع بالتزامن مع استعداد باريس لاستضافة الألعاب الأولمبية في عام 2024، حيث كان من المقرر استخدام نهر السين كموقع لبعض المنافسات الرياضية، مما حفّز الجهود لتسريع وتيرة التحسينات البيئية.

أعلنت السلطات الباريسية رسميًا رفع الحظر عن السباحة في نهر السين وافتتاح ثلاثة مواقع جديدة مخصصة للسباحة اعتبارًا من يوم السبت. يقع الموقع الأول بالقرب من كاتدرائية "نوتردام" الشهيرة، بينما يتوزع الموقعان الآخران بين برج إيفل والمكتبة الوطنية الفرنسية، ما يمنح السكان والسياح فرصة فريدة للسباحة وسط معالم باريس الأيقونية.

ويُعد هذا القرار جزءًا من خطة شاملة لتحويل النهر إلى مركز للحياة المجتمعية والترفيهية. وتم تزويد هذه المواقع بمرافق للإنقاذ والسلامة وخدمات النظافة والصيانة المستمرة. كما تم اعتماد اختبارات صارمة لجودة المياه، للتأكد من ملاءمتها للسباحة اليومية خلال فصل الصيف.

السباحة في نهر السين ليست فقط نشاطًا ترفيهيًا جديدًا، بل تحمل أبعادًا بيئية واجتماعية وسياحية مهمة. فهي ثمرة لجهود طويلة لتحسين جودة البيئة الحضرية، وإعادة إحياء العلاقة بين سكان باريس ونهرهم العريق. كما يُتوقع أن تعزز هذه الخطوة من جاذبية المدينة، حيث توفر تجربة فريدة تجمع بين الثقافة الفرنسية والطبيعة الحضرية.

وبالإضافة إلى ذلك، يمثل المشروع نموذجًا للتنمية المستدامة، حيث يُعاد استخدام مرفق طبيعي ضخم لخدمة الإنسان دون الإضرار بالبيئة. وبهذا، تصبح باريس مرة أخرى رائدة في الجمع بين الحداثة والتراث، بين الجمال الطبيعي والرفاهية اليومية.

بعد قرن من الحظر، تعود السباحة إلى نهر السين كرمز لانتصار الإرادة البيئية والتحضر الذكي. لم تعد ضفاف النهر مجرد ممر سياحي أو خلفية للصور، بل أصبحت جزءًا حيًا من حياة المدينة اليومية، تتيح للجميع الاستمتاع بالماء، بالتاريخ، وبجمال باريس المتجدد.

اشترك في قناة سائح على واتس آب لجولات حول العالم