مالطا: الجزيرة الأوروبية التي تخفي مفاجآت الشرق

  • تاريخ النشر: الجمعة، 25 أبريل 2025
مالطا: الجزيرة الأوروبية التي تخفي مفاجآت الشرق

في قلب البحر الأبيض المتوسط، وعلى مفترق طرق حضاري بين أوروبا وشمال إفريقيا والشرق الأوسط، تقع جزيرة مالطا الصغيرة التي تحمل في طياتها تاريخًا طويلًا وثقافة متشابكة تفوق حجمها الجغرافي. رغم أنها دولة أوروبية من حيث الموقع والانتماء السياسي، إلا أن روحها تميل كثيرًا إلى الشرق، من خلال مزيج رائع من التأثيرات العربية، والإيطالية، والبريطانية. وبمجرد أن تخطو على أرضها، تدرك أنك في مكان مختلف تمامًا عما اعتدت رؤيته في أوروبا الغربية، فهي جزيرة تُشبه المتحف المفتوح وتفاجئك كل يوم بجانب جديد من شخصيتها الغنية.

الأزقة الضيقة… وجمال العمارة المتوسطي الشرقي

تجول في العاصمة فاليتا، وستجد نفسك أمام لوحة معمارية تتحد فيها النوافذ الخشبية البارزة ذات الطابع الشرقي مع المباني الحجرية الذهبية ذات الأسلوب الأوروبي الكلاسيكي. الأزقة الضيقة مرصوفة بأحجار تعود إلى قرون مضت، لكنك تشم في الهواء عبق الشرق: من الأسماء العربية القديمة للأحياء، إلى الكلمات المالطية التي تتضمن مفردات عربية واضحة، وصولًا إلى الزخارف التي تذكر بالسوق العتيق في مدن الشام أو شمال إفريقيا. هناك جمالية خفية في هذا التداخل، تجعل من مالطا وجهة ساحرة لمن يبحث عن أوروبا بطابع مختلف تمامًا.

المطبخ: نكهة البحر بروح شرقية

المطبخ هو صورة أخرى لهذا التمازج الثقافي العميق. فهو مزيج شهي من المأكولات الإيطالية والعربية والبريطانية، مع لمسات متوسطية أصيلة. تجد الأطباق المالطية تعتمد على زيت الزيتون، والطماطم، والتوابل، والأسماك الطازجة، لكنها لا تخلو من الروح الشرقية: الكسكس، الحمص، والبهارات الدافئة كلها مكونات مألوفة للذائقة العربية. ولا يمكن أن تزور الجزيرة دون تذوق "فتيرا"، وهي فطيرة تقليدية تُخبز في أفران حجرية وتُشبه إلى حد كبير المعجنات الشرقية، أو طبق "الأرنب المطهو" الذي يعتبر من أقدم الأطباق إنها تجربة طعام تحملك من ضفة إلى أخرى دون أن تغادر المائدة.

وجهة مثالية لعشاق التاريخ والهدوء

ورغم صغر حجمها، فإن مالطا غنية بالمواقع الأثرية التي تمتد من العصر الحجري إلى الحروب العالمية. معابدها القديمة التي تعود إلى ما قبل الأهرامات، وأسوارها التي شيدها فرسان مالطا، تجعل منها متحفًا حيًا للتاريخ الإنساني. وفي الوقت نفسه، تقدم الجزيرة للمسافر المعاصر تجربة هادئة بعيدًا عن صخب المدن الأوروبية الكبيرة. شواطئها الصخرية، ومياهها الفيروزية، وأجوائها الدافئة طوال العام، تجعلها خيارًا مثاليًا للراغبين في الاستجمام واستكشاف مكان جديد في آنٍ واحد.

مالطا ليست مجرد وجهة أوروبية تقليدية، بل هي بوابة تجمع بين الشرق والغرب في مساحة واحدة، حيث تمتزج الحضارات وتتناغم الثقافات. إنها الجزيرة التي تفاجئك في كل زاوية، وتُشعرك وكأنك تعرفها منذ زمن، رغم أنك تراها للمرة الأولى.

اشترك في قناة سائح على واتس آب لجولات حول العالم