من أين جاءت فكرة شهر العسل؟

  • تاريخ النشر: الأربعاء، 04 يونيو 2025 زمن القراءة: دقيقتين قراءة
من أين جاءت فكرة شهر العسل؟

لطالما اعتُبر شهر العسل تقليدًا لا يُستغنى عنه بعد الزواج، حيث يسافر العروسان إلى وجهة هادئة أو حالمة للاحتفال ببداية حياتهما المشتركة. ولكن خلف هذه الرحلة الرومانسية، تختبئ جذور تاريخية وثقافية تمتد قرونًا، وتحمل دلالات تختلف كثيرًا عما نعرفه اليوم. فكيف بدأت فكرة شهر العسل؟ وهل كان دائمًا مناسبة للراحة والاستجمام، أم أن بداياته كانت ذات طابع آخر تماماً؟

جذور تاريخية من العصور القديمة

يعود أصل مصطلح "شهر العسل" إلى الحضارات القديمة، وتحديدًا إلى حضارة بابل قبل أكثر من أربعة آلاف عام. كان هناك تقليد يقضي بأن يشرب والد العروس صِهْرَهُ نوعًا من مشروب العسل المُخمَّر طوال شهرٍ قمريّ بعد الزفاف، وذلك لتعزيز الخصوبة والحظ السعيد للزوجين. وقد اشتُقَّت التسمية الإنجليزية Honeymoon من كلمتين: Honey أي العسل، وMoon أي القمر، في إشارة إلى الشهر الأول بعد الزواج الذي يكون عادة مليئًا بالحب والانسجام. وقد ربطت بعض الثقافات هذا الشهر بدورة القمر التي تمتد نحو 29 يومًا، مما يدل على أن الفكرة كانت مرتبطة بالزمن والمواسم.

تحوُّل شهر العسل إلى طقس اجتماعي

مع مرور الوقت، تطورت فكرة شهر العسل من مجرد مناسبة طقسية إلى تقليد اجتماعي أكثر انتشارًا. ففي أوروبا خلال القرن التاسع عشر، وخاصة في بريطانيا، أصبح من الشائع أن يقوم الزوجان بجولة تُعرف بـ"جولة الزفاف"، يزوران فيها أقارب العروسين في مختلف المناطق. ومع تطور وسائل النقل وازدياد الطبقة المتوسطة، تحولت تلك الجولة إلى رحلة للترفيه والاستجمام بعيدًا عن أعين العائلة، وغالباً ما كانت الوجهات رومانسية أو طبيعية مثل شواطئ البحر أو الريف الأوروبي. وقد ساهمت الثورة الصناعية والسفر بالقطار في تسهيل هذه الرحلات، مما ساعد على ترسيخ مفهوم "شهر العسل" كما نعرفه اليوم.

شهر العسل في العصر الحديث

في الوقت الحاضر، أصبح شهر العسل أكثر تنوعًا وخصوصية، ولم يعد مقتصرًا على فكرة واحدة أو مدة محددة. إذ يختار بعض الأزواج وجهات فاخرة في الجزر الاستوائية مثل المالديف أو بالي، بينما يفضل آخرون المغامرة والسفر إلى أماكن غير تقليدية. كما ظهر مفهوم "الميني مون" (Mini-Moon) أو شهر العسل القصير بسبب ضغوط العمل أو الميزانية، حيث يكتفي الأزواج برحلة قصيرة في عطلة نهاية الأسبوع بعد الزفاف. وقد تغيّرت أيضاً دلالات الرحلة، فأصبحت فرصة لتعزيز التفاهم والتخطيط للمستقبل، وليست مجرد احتفال.

في المجمل، فإن شهر العسل تطور من طقس رمزي إلى تجربة شخصية تعكس أسلوب حياة الأزواج وتطلعاتهم. وما بين العسل والقمَر، تظل هذه الرحلة بداية لصفحة جديدة تُكتب بروح المحبة والتقارب.

اشترك في قناة سائح على واتس آب لجولات حول العالم