الإسكندرية.. جوهرة المتوسط التي لا تخفت أضواؤها

  • تاريخ النشر: الخميس، 30 أكتوبر 2025 زمن القراءة: 3 دقائق قراءة
مقالات ذات صلة
الإسكندرية.. عروس البحر المتوسط وأبرز معالمها التاريخية
شتاء الإسكندرية.. دليلك الكامل لاستكشاف عروس البحر المتوسط
السياحة في الإسكندرية: جوهرة البحر الأبيض المتوسط

في كل زاوية من الإسكندرية، يلتقي الحاضر بالماضي في مشهد يصعب تكراره في أي مدينة أخرى. إنها ليست مجرد مدينة ساحلية مصرية، بل متحف مفتوح يطل على البحر الأبيض المتوسط، تحكي أمواجه قصصًا عمرها آلاف السنين. كانت الإسكندرية يومًا ما عاصمة للعلم والثقافة في العالم القديم، وهي اليوم ما زالت تحتفظ بسحرها الكلاسيكي وأناقتها الحديثة. يمتزج في هوائها عبق التاريخ الإغريقي والروماني والعربي، بينما تنعكس أنوار المقاهي والكورنيش على صفحة البحر في مشهد يأسر القلوب.

إرث عظيم يحيا في كل ركن

تُعد الإسكندرية من أكثر المدن غنى بالتراث الأثري والثقافي في مصر. فقد أسسها الإسكندر الأكبر عام 331 قبل الميلاد، لتصبح لاحقًا مركزًا للعلم والفكر بفضل مكتبتها القديمة التي كانت تضم مئات الآلاف من المخطوطات، وجامعتها التي استقطبت العلماء من أنحاء العالم القديم. اليوم، أعيد إحياء هذا الإرث من خلال مكتبة الإسكندرية الحديثة، التي تقف كصرح معماري رائع يجمع بين الحداثة وروح الماضي. بجوارها يمتد كورنيش الإسكندرية، الشريان الأزرق الذي يربط المدينة من الشرق إلى الغرب، ويمر بمواقع تاريخية مثل قلعة قايتباي، التي بنيت على أنقاض منارة الإسكندرية القديمة – إحدى عجائب الدنيا السبع. وفي الأحياء القديمة مثل الجمرك والأنفوشي، يمكن للزائر أن يلمس نبض المدينة الحقيقي في الأسواق الشعبية التي ما زالت تحتفظ بنكهة الزمن الجميل.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

مدينة الفن والمزاج المتوسطي

تُعرف الإسكندرية بأنها المدينة المصرية الأكثر تشبّعًا بالروح المتوسطية. فنونها المعمارية تحمل طابعاً أوروبياً مميزاً من القرن التاسع عشر، وشوارعها تزدان بالمباني ذات الشرفات الحديدية والنوافذ الخشبية المزخرفة. لطالما كانت ملاذًا للفنانين والأدباء، من لورنس داريل إلى نجيب محفوظ، الذين استلهموا منها قصصًا عن العشق والحنين والبحر. المقاهي القديمة على الكورنيش مثل "ديليس" و"سانتا لوتشيا" ليست مجرد أماكن للجلوس، بل جزء من ذاكرة المدينة الثقافية. كما تحتضن الإسكندرية مهرجانات سينمائية وموسيقية سنوية، مما يجعلها مركزًا للحياة الفنية في مصر. ورغم مظاهر الحداثة التي بدأت تغزوها، فإنها لا تزال محافظة على طابعها الهادئ الذي يميزها عن صخب القاهرة.

تجارب سياحية لا تُنسى

لا تقتصر زيارة الإسكندرية على المشاهدة فحسب، بل تتضمن تجارب مميزة تمتد من البحر إلى المائدة. يمكن للزائر أن يبدأ يومه بجولة بحرية قصيرة من ميناء الأنفوشي لمشاهدة المدينة من الأفق، ثم يتوجه إلى منطقة المنتزه، حيث القصور الملكية تحيطها الحدائق الخضراء المطلة على البحر. أما الغداء، فلا يكتمل دون تذوق الأسماك الطازجة في مطاعم بحري القديمة. ولعشاق التاريخ، هناك المتحف اليوناني الروماني الذي يروي حكاية المدينة في عصورها المزدهرة، إلى جانب سراديب مقابر الكاتاكومب التي تعود إلى القرن الأول الميلادي. وفي المساء، يمكن الاستمتاع بنسيم البحر أثناء السير على الكورنيش الطويل الذي لا تنام أنواره حتى الفجر.

الإسكندرية ليست فقط مدينة ساحلية، بل ذاكرة حية تختصر تاريخ البحر المتوسط في سطورها. إنها المكان الذي يشعر فيه الزائر أن الزمن يتباطأ، وأن البحر يحكي له أسراراً لا تُقال. في كل موجة وشارع ومقهى، تروي المدينة حكاية عن الجمال والبقاء، لتؤكد أنها ستظل دائمًا جوهرة المتوسط التي تجمع بين الأناقة والتاريخ، وبين سكون البحر وصخب الحياة.