الباحة: المشي بين القرى الجبلية وسحر السياحة الريفية

  • تاريخ النشر: منذ 4 أيام زمن القراءة: 3 دقائق قراءة
مقالات ذات صلة
أفضل 3 قرى للسياحة الريفية
روائع القرى في ريف إنترلاكن.. اكتشف الجمال والسحر الريفي
الريف الأندلسي: سحر القرى البيضاء والطبيعة الخلابة

تُمثل منطقة الباحة، الواقعة في الجنوب الغربي للمملكة العربية السعودية، وجهة سياحية متفردة تختلف عن النمط الصحراوي أو الساحلي السائد. تشتهر الباحة، التي تلقب بـ "حديقة الحجاز"، بتضاريسها الجبلية الخضراء، وغاباتها الكثيفة، ومناخها المعتدل صيفاً والبارد شتاءً، مما يجعلها ملاذاً ممتازاً للباحثين عن الطبيعة والهدوء. لكن الجاذبية الحقيقية للمنطقة تكمن في قراها الجبلية الأثرية المتناثرة على سفوح جبال السروات، والتي تُقدم فرصة مثالية للمغامرين وهواة المشي لاستكشاف وجه جديد للسياحة الريفية، يجمع بين النشاط البدني والتعمق في التراث المعماري والحياة التقليدية لأهل المنطقة.

القرى الأثرية: كنوز معمارية في أحضان الجبال

تُعد القرى الجبلية في الباحة بمثابة متاحف مفتوحة تحكي قصصاً من قرون مضت. تتميز هذه القرى، مثل قرية ذي عين الأثرية، بطرازها المعماري الفريد الذي يعتمد على الحجارة المحلية الصلبة، حيث بُنيت المنازل والمساجد والحصون لتكون متناغمة مع التضاريس الوعرة ولتوفير الحماية. قرية ذي عين، على سبيل المثال، هي قرية رخامية بيضاء بُنيت على قمة صخرية، وتشتهر ببيوتها المكونة من عدة طوابق والمحاطة بمزارع الموز والنخيل التي تعتمد على عين ماء جارية. المشي بين هذه القرى يتيح للزائر اكتشاف فن البناء القديم الذي اعتمد على مواد طبيعية وتقنيات بسيطة، والتأمل في كيفية تكيف الأجيال السابقة مع بيئة جبلية قاسية. إن الحفاظ على هذه القرى وترميمها يُعد جزءاً أساسياً من جهود المملكة للحفاظ على التراث الوطني وإحيائه.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

تجربة المشي الجبلي: المسارات والتحديات

تُقدم الباحة شبكة واسعة من مسارات المشي (Hiking Trails) التي تتنوع في مستوياتها، بدءاً من المسارات السهلة التي تخترق الغابات وصولاً إلى مسارات جبلية صعبة تتطلب لياقة بدنية عالية. وتُعد مسارات المشي التي تربط القرى ببعضها، أو تلك التي تؤدي إلى قمم جبلية تطل على سهول تهامة، هي الأكثر شعبية. من أبرز مناطق المشي والتخييم هي غابة رغدان ومنتزه الأمير مشاري، حيث يمكن للمغامرين الاستمراحة بين أشجار العرعر الكثيفة وتنفس الهواء النقي. يتميز المشي في هذه المناطق بالبرودة النسبية للطقس حتى في فصل الصيف، مما يجعل النشاط ممتعاً ومريحاً. بالإضافة إلى ذلك، يتيح المشي فرصة لاكتشاف المزارع الصغيرة والمدرجات الزراعية التي تشتهر بها المنطقة، ومشاهدة الحياة الريفية اليومية للسكان المحليين والتعرف على كرم ضيافتهم.

الانغماس في التراث والمنتجات المحلية

السياحة الريفية في الباحة لا تقتصر على الطبيعة والمشي فحسب، بل تمتد لتشمل الانغماس في التراث المحلي الغني. يمكن للزوار الاستمتاع بزيارة الأسواق الأسبوعية الشعبية التي تعرض المنتجات اليدوية، مثل الحرف الخشبية والمنسوجات، بالإضافة إلى المنتجات الزراعية المحلية الفريدة. تشتهر المنطقة بإنتاج أجود أنواع العسل الطبيعي، الذي يُعتبر من أهم مصادر الدخل، كما يشتهر بإنتاج الرمان والموز اللذيذين. عند زيارة القرى، يمكن للمسافر التوقف في بيوت الضيافة التقليدية وتناول الوجبات الشعبية، مثل خبز "الميفا" (خبز التنور) والمأكولات المعتمدة على الحبوب واللحوم البلدية، مما يوفر تجربة ثقافية وحسية كاملة. هذا التفاعل المباشر مع سكان الباحة الأصليين يُثري الرحلة ويمنح الزائر فهماً أعمق للحياة في هذه الزاوية الهادئة من المملكة.

في الختام، تُعتبر الباحة بكنوزها الجبلية وقراها الأثرية وجهة سياحية ريفية واعدة، وتُقدم خياراً فريداً ومختلفاً للمسافرين داخل وخارج المملكة. إن الجمع بين النشاط البدني المتمثل في المشي الجبلي، والجمال الطبيعي الخلاب، والعمق التاريخي والمعماري للقرى، يجعل منها ملاذاً مثالياً للباحثين عن الهدوء والاستكشاف. هذه المنطقة ليست مجرد محطة في خريطة السياحة السعودية، بل هي دعوة مفتوحة للانغماس في الحياة الريفية الأصيلة واكتشاف التراث الثقافي الغني الذي يختبئ بين سفوح جبال السروات الشاهقة.