حجر بلارني في كورك.. أسطورة الفصاحة ورمز الضيافة الأيرلندية

  • تاريخ النشر: الأحد، 19 أكتوبر 2025 زمن القراءة: 3 دقائق قراءة | آخر تحديث: الإثنين، 20 أكتوبر 2025
مقالات ذات صلة
ما هو حجر رشيد؟
فرصة للعيش في هذه الجزيرة الأيرلندية مجانًا لمدة عام
طرق سيلتك المذهلة.. وجهات أيرلندية يجب زيارتها

يقع حجر بلارني في قلب قلعة تاريخية تعود للقرن الخامس عشر في مدينة كورك بجنوب أيرلندا، وقد تحول عبر القرون من مجرد جزء من بناء قديم إلى أحد أشهر المعالم السياحية في البلاد، بل وإلى رمز عالمي مرتبط بأسطورة الفصاحة والبيان. فوفق الاعتقاد الشعبي، من يقوم بتقبيل الحجر المعلّق في أعلى جدران القلعة يُمنح موهبة الكلام البليغ والقدرة على الإقناع. وبينما قد يتعامل البعض مع هذه القصة بطرافة، إلا أن سحر المكان وتجربة الصعود إلى أعلى البرج والانحناء للخلف لتقبيل الحجر بطريقة غير معتادة يضيفان للزيارة لمسة من المغامرة والتقاليد الفولكلورية التي لا تتكرر في أي مكان آخر في العالم. ولا تقتصر جاذبية بلارني على الحجر وحده، بل تمتد لتشمل حدائق خضراء غنّاء ومسارات مليئة بالأسرار والخرافات القديمة التي تجعل الرحلة إليها تجربة ثقافية وطبيعية متكاملة.

أسطورة الحجر… من أين جاءت؟

يُعتقد أن أصل حجر بلارني يعود إلى عهد قديم سبق بناء القلعة نفسها؛ فبعض الروايات تقول إنه جزء من حجر التتويج الاسكتلندي المعروف باسم "ستون أوف سكُون"، بينما تشير أخرى إلى أنه تم تقديمه هدية من روبرت ذا بروس، ملك اسكتلندا، مكافأة على مساعدة الأيرلنديين له في إحدى المعارك. ومع مرور الزمن، ارتبط الحجر بأسطورة منح موهبة الكلام لمن يلمسه بشفتيه، وهو ما جعل الزوار من مختلف أنحاء العالم يأتون إليه فقط لأجل تلك اللحظة الرمزية. وعلى الرغم من أن القصة قد تبدو خرافية، فإنها تجسد جانبًا مهمًا من روح الشعب الأيرلندي الذي عُرف تاريخيًا بحب اللغة والشعر والحكايات الشعبية، لتصبح زيارة الحجر وكأنها مشاركة في جزء من هوية وطن كامل.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

القلعة والحدائق… أكثر من مجرد صخرة مشهورة

تبدأ الرحلة إلى حجر بلارني بعبور القلعة نفسها، وهي بناء تاريخي شامخ يروي قصص العصور الوسطى من خلال جدرانه الحجرية الضخمة وممراته الضيقة. وبعد صعود السلالم الحلزونية حتى أعلى البرج، يصل الزائر إلى المكان الذي يوجد فيه الحجر، مثبتًا في فتحة صغيرة تحت السور. عملية التقبيل تتطلب الاستلقاء على الظهر والانعكاس للخلف بينما يمسك الزائر بقضبان معدنية لضمان التوازن، وهو ما يضيف للطقس طابعًا من الإثارة والجرأة. وبعد الانتهاء من هذه التجربة الرمزية، يمكن التجول في حدائق القلعة الواسعة التي تضم ما يُعرف بـ"حديقة السموم"، حيث تُعرض نباتات تاريخية استخدمت في الطب والأساطير، بالإضافة إلى مغارات ومسارات صخرية يكتنفها الغموض وتُحاك حولها القصص عن الجنيات والمخلوقات الأسطورية.

لماذا تستحق الزيارة رغم غرابة الفكرة؟

قد يظن البعض أن تقبيل حجر قديم مجرد تقليد سياحي لا أكثر، لكن في الواقع، تجربة بلارني تحمل في طياتها شيئًا أعمق من ذلك. فهي ليست مجرد مغامرة جسدية أو صورة تذكارية، بل رحلةٌ إلى عالم من الأساطير والخيال والتراث الشعبي الذي حافظ على مكانته عبر القرون. فالأيرلنديون لم يحولوا الحجر إلى أسطورة من فراغ، بل لأنهم يرون في الفصاحة والقدرة على التعبير قيمة تستحق الاحتفاء. كما أن القلعة والحدائق المحيطة بها تمنح الزائر فرصة للاسترخاء بين مناظر طبيعية ساحرة تجمع بين الغابات والبحيرات والمسارات الحجرية. حتى من لا يؤمن بالأساطير يغادر المكان بابتسامة، وكأنه شارك في حكاية قديمة لا تزال تُروى حتى اليوم.

زيارة حجر بلارني ليست مجرد إضافة إلى قائمة الوجهات السياحية، بل تجربة تُشعل الخيال وتعيد الزائر إلى زمن كانت فيه الكلمات لها قوة السحر، وكانت الحكايات تُروى حول المدافئ في الليالي الممطرة. إنها رحلة قصيرة في الجغرافيا لكنها طويلة في الذاكرة، تثبت أن السحر لا يزال موجودًا لمن يجرؤ على تصديقه ولو للحظات.