خدمات المطارات لكبار السن: راحة وأمان منذ لحظة الوصول
لم تعد المطارات مجرد نقاط عبور سريعة، بل أصبحت منظومات متكاملة تهدف إلى جعل تجربة السفر أكثر إنسانية وراحة، خصوصًا لكبار السن الذين قد يواجهون تحديات تتعلق بالحركة، أو الرؤية والسمع، أو الحاجة إلى دعم طبي مستمر. ومع التوسع الكبير في أحجام المطارات وتعدد مراحل الإجراءات، بات توفير خدمات مخصصة لكبار السن ضرورة لا رفاهية، تبدأ من باب المنزل أحيانًا، وتمتد حتى الوصول إلى المقعد على متن الطائرة، وفي بعض الحالات إلى ما بعد الهبوط أيضًا. إن السفر الآمن والمريح لهذه الفئة يتطلب تنسيقًا مسبقًا، وبنية تحتية ملائمة، ووعيًا لدى فرق العمل بكيفية تقديم المساندة بلباقة وفعالية.
مرافقة شخصية وخدمات تنقّل سلسة
توفر غالبية المطارات اليوم خدمة المرافقة منذ لحظة دخول صالة المغادرة وحتى بوابة الصعود إلى الطائرة، وتشمل الاستقبال، وإنهاء إجراءات السفر، والمساعدة في نقاط التفتيش الأمني. تُوفَّر الكراسي المتحركة مجانًا عادة، مع إمكانية حجزها مسبقًا عبر شركة الطيران لضمان توفرها في الوقت المناسب، كما تنتشر العربات الكهربائية (البيغيز) في المسافات الطويلة بين البوابات لتقليل الإرهاق. وتضيف بعض المطارات مسارات أولوية (Fast Track) لتقليص زمن الانتظار في الطوابير، وهو ما يخفف الضغط البدني والنفسي على المسافر الكبير في السن. إلى جانب ذلك، تُدرِّب شركات الطيران طواقمها على أساليب رفع ومساعدة الركاب بأمان، وتوفير مقاعد ممرية أو قريبة من دورات المياه عند الإمكان، بالإضافة إلى ترتيبات الصعود والنزول المبكر لتجنّب الازدحام.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
صالات ومرافق مهيأة طبيًا وحسيًا
تتوسع الصالات المخصصة أو المتكيفة مع احتياجات كبار السن في كثير من المطارات، فتقدم كراسي مريحة مرتفعة الظهر، وإضاءة هادئة، ومساحات هادئة بعيدة عن الضجيج. كما تُجهَّز هذه الصالات بغرف استراحة قصيرة، ودُشّات، وأحيانًا أسرّة للاستلقاء في حالات الترانزيت الطويل. على الصعيد الصحي، تتوفر عيادات داخل المطارات أو نقاط إسعاف أولي لقياس الضغط والسكر والتعامل مع الحالات الطارئة، مع إمكانية التنسيق لنقل المسافر إلى المستشفى إن لزم الأمر. وتُعد الإشارات الواضحة ذات الخط الكبير، واللوحات الإلكترونية المصحوبة بإعلانات صوتية مفهومة، عناصر أساسية لتقليل الارتباك لدى من يعانون ضعف السمع أو البصر. وفي بعض المطارات، تُقدَّم “غرف حسية” أو مناطق منخفضة المؤثرات الضوئية والصوتية، وهي مفيدة ليس فقط لكبار السن بل لكل من يحتاج بيئة مريحة عصبيًا.
تقنيات ذكية وتنسيق مُسبق مع شركات الطيران
أصبحت التطبيقات المحمولة والأجهزة المساعدة جزءًا مهمًا من جعل التجربة أكثر سهولة. يمكن لمرافق المسافر أو أحد أفراد العائلة تتبع حالة الرحلة، والبوابة، وتوقيت الصعود، والتنبيهات الفورية عبر تطبيقات شركات الطيران أو المطارات. كما يمكن إدخال المتطلبات الطبية والغذائية مسبقًا ضمن حجز التذكرة، لضمان تجهيز الوجبات المناسبة أو المعدات الطبية (مثل الأكسجين الإضافي) بحسب السياسات. وتساعد الخدمات الذاتية (الأكشاك) في تقليل الاحتكاك والوقت، لكن وجود موظفين مدرَّبين بالقرب منها ضروري لمساندة من يصعب عليهم التعامل مع الواجهات الرقمية. وفي حالات الاضطرابات الطبية المزمنة أو الكراسي المتحركة الكهربائية أو الأجهزة التعويضية، يُنصح بالتواصل المسبق مع شركة الطيران لإرسال النماذج الطبية المطلوبة (MEDIF مثلًا) وترتيب إجراءات النقل والتخزين بطريقة تضمن السلامة وعدم تلف المعدات.
في النهاية، يعتمد نجاح تجربة السفر لكبار السن على ثلاثة محاور متكاملة: التخطيط المسبق، وبنية المطارات والخطوط الجوية القادرة على الاستيعاب، وفرق عمل واعية ومدرَّبة. ومع ازدياد وعي المطارات عالميًا بأهمية الاستدامة الاجتماعية وإمكانية الوصول (Accessibility)، بات من المتاح اليوم تصميم رحلة مريحة وآمنة لكبير السن دون إرهاق أو ارتباك. كل ما يلزم هو تفعيل الخيارات الصحيحة في الوقت الصحيح: طلب المساعدة قبل السفر، اختيار المطار وشركة الطيران التي تُقدِّم خدمات ملائمة، والتأكد من جاهزية المستندات والأدوية والمرافق. عندها فقط ستتحول لحظة دخول المطار من تحدٍّ مرهق إلى بداية سلسة لرحلة مطمئنة، تُراعي الكرامة والراحة من الباب إلى البوابة.