سياحة الكهوف في الوطن العربي: اكتشاف أعماق الأرض من عُمان إلى الجزائر

  • تاريخ النشر: الخميس، 23 أكتوبر 2025 زمن القراءة: 3 دقائق قراءة
مقالات ذات صلة
عدد ساعات الصيام في الوطن العربي: الجزائر صاحبة أطول يوم
نافورات الوطن العربي: معالم سياحية لها شهرة عالمية
خارج حدود الخيال.. مغامرة في أعماق الكهوف السعودية

تُعد الكهوف من أكثر المعالم الطبيعية التي تجمع بين الغموض والجمال، فهي تأخذ زائرها إلى عالمٍ تحت الأرض مليء بالعجائب الجيولوجية التي تكوّنت على مدى ملايين السنين. في الوطن العربي، لا تقتصر السياحة على الشواطئ والجبال والمدن التاريخية، بل تمتد أيضًا إلى الكهوف التي أصبحت وجهات جذب فريدة لمحبي المغامرة والاستكشاف. من سلطنة عُمان التي تضم بعضًا من أعمق الكهوف في العالم إلى الجزائر التي تفاجئ الزائر بكهوفها الحجرية الساحرة، تتنوع التجارب وتتقاطع بين العلم والطبيعة والخيال، لتشكل نوعًا جديدًا من السياحة البيئية المتنامية في المنطقة.

كهوف عُمان: روائع تحت سطح الأرض

تُعد سلطنة عُمان رائدة في مجال سياحة الكهوف في الوطن العربي، إذ تمتلك تضاريس جبلية وصحراوية غنية بالتكوينات الكلسية والمغارات الطبيعية. من أبرز هذه المعالم كهف مجلس الجن في محافظة الداخلية، وهو ثالث أكبر كهف جوفي في العالم من حيث الاتساع، بارتفاع يصل إلى أكثر من 120 مترًا وطول يتجاوز 300 متر. هذا الكهف ليس مجرد فراغٍ طبيعي هائل، بل عالم من الأعمدة الحجرية والصواعد والنوازل التي تشكل لوحات فنية من صنع الطبيعة. يحتاج الوصول إليه إلى استعداد بدني ومعدات تسلق خاصة، مما يجعله مغامرة مفضلة لمحبي التحدي.
كما تُعد كهف الهوته أحد أشهر الكهوف السياحية في المنطقة، وهو يقع عند سفوح جبل شمس ويُفتح أمام الزوار في جولات منظمة عبر قطار صغير ينقلهم إلى أعماق الكهف المضاء بأنوار خافتة تكشف عن جمال الصخور المتدلية والبحيرات الداخلية. ويُعد كهف الهوته نموذجًا للسياحة المستدامة، إذ يُدار بعناية للحفاظ على نظامه البيئي النادر الذي يضم أنواعًا فريدة من الكائنات مثل السمك الأعمى الذي يعيش في مياهه العميقة.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

كهوف لبنان والمغرب: سحر الطبيعة والتاريخ

في لبنان، يبرز مغارة جعيتا كأحد أهم المعالم الطبيعية في الشرق الأوسط، إذ تجمع بين الجمال الجيولوجي والبنية السياحية المتقدمة. تتألف المغارة من طبقتين؛ العليا مفتوحة للزيارة سيرًا على الأقدام وتضم صواعد ضخمة تشكل مشاهد مذهلة، بينما السفلى يُستكشف جزء منها عبر قوارب تنساب فوق نهرٍ تحت الأرض. نالت جعيتا عدة جوائز دولية وتم ترشيحها لتكون من عجائب الدنيا الطبيعية نظرًا لجمالها الأخّاذ.
أما في المغرب، فتتوزع الكهوف في مناطق جبلية وساحلية أبرزها كهف فريواطو قرب مدينة تازة، وهو الأطول في شمال إفريقيا بطول يزيد عن 2 كيلومتر. يمتاز الكهف بدرجات حرارة معتدلة طوال العام، ويستقطب الباحثين وعشاق المغامرة من كل أنحاء العالم لاستكشاف أعماقه المليئة بالتكوينات الكلسية والممرات المتعرجة. وتُعد هذه الكهوف من أهم الوجهات البيئية التي تعزز السياحة الداخلية في المغرب، حيث تجمع بين جمال الطبيعة والتاريخ الجيولوجي العريق.

كهوف الجزائر وتونس: عوالم مخفية في عمق الصحراء

تضم الجزائر عددًا من الكهوف المدهشة التي تنتشر في جبال الأوراس والقبائل، أشهرها كهف عنق الجمل في ولاية سطيف، الذي يتميز بتكويناته الحجرية المذهلة التي تشبه المنحوتات الطبيعية. كما توجد كهوف بني عاد في تلمسان، وهي من أقدم الكهوف المكتشفة في شمال إفريقيا وتُعد وجهة مفضلة للزوار بفضل سهولة الوصول إليها وتاريخها الطبيعي العريق. يمتد الكهف على طول أكثر من 700 متر ويضم ممرات ضخمة تتزين بتكوينات فريدة من الحجر الجيري.
وفي تونس، يشكل كهف عين الذهب في منطقة القصرين مثالًا آخر على جمال الكهوف المغاربية، حيث تنحدر الممرات نحو أعماق تكشف عن مشاهد طبيعية خلابة تحت الأرض. أصبحت هذه الكهوف اليوم جزءًا من الجولات السياحية البيئية التي تروجها السلطات المحلية بهدف تشجيع السياحة المستدامة وتنويع التجارب السياحية في البلاد بعيدًا عن الشواطئ التقليدية.

إن سياحة الكهوف في الوطن العربي ليست مجرد مغامرة جغرافية، بل تجربة ثقافية وعلمية أيضًا، إذ تمنح الزائر فرصة لفهم تاريخ الأرض وتطورها الطبيعي عبر ملايين السنين. من كهف مجلس الجن في عُمان إلى كهف فريواطو في المغرب وبني عاد في الجزائر، تبرز هذه المعالم ككنوز خفية تعيد تعريف مفهوم السياحة في العالم العربي. إنها رحلة إلى أعماق الأرض، لكنها في الوقت ذاته رحلة إلى أعماق الوعي بجمال الكوكب وهشاشته، تذكّرنا بأن الحفاظ على هذه العجائب الطبيعية مسؤولية جماعية تستحق الاهتمام والرعاية.