يوم شجرة الزيتون العالمي 2025.. احتفاءٌ بإرثٍ إنساني يعبر العصور

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 25 نوفمبر 2025 زمن القراءة: 3 دقائق قراءة | آخر تحديث: الأربعاء، 26 نوفمبر 2025
مقالات ذات صلة
يوم المتحف الدولي: احتفاء عالمي بالتراث الإنساني
يوم شجرة الزيتون العالمي 2023
يوم الصداقة العالمي: احتفاء عالمي بقيمة العلاقات الإنسانية

يأتي يوم شجرة الزيتون العالمي في السادس والعشرين من نوفمبر ليُعيد تسليط الضوء على واحدة من أقدم الأشجار التي شكّلت جزءًا جوهريًا من تاريخ الإنسان وثقافته وبيئته. فقد أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) هذا اليوم مناسبة سنوية عالمية منذ عام 2019، بهدف تعزيز الوعي بأهمية شجرة الزيتون في الحضارات المختلفة، ودورها في دعم التنمية المستدامة، والمحافظة على السلام، والارتباط العميق بين المجتمعات المحلية والأرض. ويأتي الاحتفال لعام 2025 ليعكس دعوة متجددة لحماية هذا الإرث الطبيعي من التحديات البيئية والاقتصادية، وتقدير دوره المستمر في حياة ملايين البشر حول العالم.

الجذور التاريخية لشجرة الزيتون ودورها الثقافي

تُعد شجرة الزيتون من أقدم الأشجار المزروعة في العالم، حيث تعود جذورها إلى آلاف السنين في مناطق حوض البحر الأبيض المتوسط، من اليونان وإيطاليا وإسبانيا وصولًا إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد لعبت هذه الشجرة دورًا محوريًا في القيم الثقافية والروحية عبر التاريخ، إذ ارتبطت بالسلام والحكمة والاستقرار في العديد من الحضارات القديمة. في اليونان القديمة كانت الأغصان تستخدم لتتويج الفائزين في الألعاب الأولمبية، وفي الشرق الأوسط شكّلت الشجرة رمزًا للصمود والعطاء. وما تزال حتى اليوم شاهدة على تطور الحياة الزراعية والاجتماعية، إذ تنتشر أشجار زيتون يزيد عمر بعضها على ألفي عام في مناطق مختلفة، ما يجعلها سجلًا حيًا للعصور التي مرت عليها وللبيئات التي احتضنتها.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

أهمية الزيتون في الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية

تلعب شجرة الزيتون دورًا اقتصاديًا مهمًا في العديد من الدول، إذ تُعد من المحاصيل الأساسية التي يعتمد عليها ملايين المزارعين في معيشتهم. وتشكل منتجاتها—من الزيتون بأنواعه وزيت الزيتون عالي الجودة—جزءًا أساسيًا من التجارة العالمية، كما تُعد عنصرًا رئيسيًا في النظام الغذائي المتوسطي المعروف بفوائده الصحية. ويُسهم قطاع الزيتون في خلق فرص عمل واسعة داخل الريف، وتدعيم استدامة المجتمعات الزراعية في ظل تقلبات المناخ وندرة المياه. كما تتميز الشجرة بقدرتها على النمو في البيئات الجافة وشبه الجافة، ما يجعلها خيارًا زراعيًا فعّالًا للدول التي تبحث عن محاصيل أقل استهلاكًا للمياه وأكثر مرونة في مواجهة تغير المناخ.

الحفاظ على شجرة الزيتون في مواجهة التحديات البيئية

رغم أهميتها التاريخية والغذائية، تواجه شجرة الزيتون اليوم تحديات كبيرة تتعلق بالتغير المناخي وانتشار الآفات وتراجع التنوع البيولوجي. وتشير منظمات دولية إلى ضرورة تعزيز برامج الحفاظ على الأراضي الزراعية التقليدية، ودعم المزارعين في اعتماد تقنيات حديثة للري وحماية الأشجار، إضافة إلى تعزيز التعاون الدولي لمواجهة الأمراض التي تهدد المحاصيل مثل بكتيريا "زيليلا فاستيديوزا" التي أثّرت في بعض مناطق جنوب أوروبا. ويأتي يوم شجرة الزيتون العالمي ليشجع المجتمعات على حماية هذا التراث الطبيعي عبر مبادرات التشجير، والتعليم، وتشجيع الممارسات الزراعية المستدامة.

يُجسّد يوم شجرة الزيتون العالمي فرصة سنوية للتذكير بقيمة هذه الشجرة التي شكّلت جزءًا من الهوية الإنسانية والطبيعة المتوسطية عبر آلاف السنين. فهو يوم يدعو إلى دعم المزارعين، وتعزيز الاستدامة البيئية، والحفاظ على ثقافة الزيتون كجسر يربط الماضي بالحاضر، ويستشرف مستقبلًا يعتمد على احترام الأرض وصون مواردها. ومن خلال هذا الاحتفاء العالمي، يتجدد الالتزام بحماية شجرةٍ راسخة، تحمل في جذورها تاريخ الإنسان، وفي أغصانها رسالة سلامٍ تمتد عبر الزمن.