رسومات كهوف تاسيلي: كيف جسدت حياتنا المعاصرة وعمرها 30 ألف عام؟

  • تاريخ النشر: الإثنين، 23 نوفمبر 2020
رسومات كهوف تاسيلي: كيف جسدت حياتنا المعاصرة وعمرها 30 ألف عام؟

لايزال العلماء حائرون في تفسيرها، المسح الذري يقول إن عمرها يرجع إلى 30 ألف عام، فكيف إذن تضمنت مشاهد من حياتنا اليومية في عصرنا الحاضر؟ وما تفسير رسومات الأشخاص الذين يطيرون في السماء؟ ولماذا يعتقد البعض أنها دليل على وجود الفضائيين القدامى؟

في حلقة اليوم من برنامج "عجائب الآثار" نروي لكم كل ما نعرفه عن "رسومات كهوف تاسيلي"، النقوش العربية التي حيرت العلماء.

كهوف تاسيلي

في قلب صحراء "جانت" في الجنوب الشرقي لدولة الجزائر الحالية، تقع كهوف تاسيلي المحيرة، وهي عبارة عن مجموعة تشكيلات من الصخور البركانية والرملية الغريبة الشكل تسمى "الغابات الحجرية"

اكتشاف رسومات كهوف تاسيلي

اكتُشفت كهوف تاسيلي لأول مرة عام 1938 على يد الرحالة الفرنسي "برينان" أثناء قيامه برحلة طويلة ما بين الحدود الجزائرية والليبية، حيث فوجئ بوجود نقوش ورسومات غريبة وعجيبة داخل تلك الكهوف أثارت حيرته، ولم يستطع تحديد ما إذا كانت نقوش قديمة للغاية أم أنها رُسمت قبل سنوات قليلة.

نقوش محيرة

السبب وراء حيرة برينان، هو أن تلك الرسومات الغريبة تضمنت أشكالاً لأناس يحلقون في الفضاء مرتدين أجهزة طيران أشبه بما يرتديه رواد الفضاء في عصرنا الحالي، وكذلك رجال ونساء يرتدون ثياباً وأزياءً حديثة شبيهة بتلك التي كان يرتديها الناس في القرن العشرين، إضافة إلى رسومات تُسجل قيام بعض الأشخاص بالغوص تحت الماء مرتدين ما يمكن أن نطلق عليه أدوات غطس.

الرسومات المدهشة اشتملت أيضاً على مشاهد تُسجل مراسم وطقوس دينية لبعض الآلهة القديمة، والعديد من صور الحيوانات التي كان بعضها معروفاً لبرينان، وبعضها الآخر لا يبدو مألوفاً على الإطلاق وكأنها حيوانات خرافية خارجة من كتاب حكايات أسطورية.

الغرائب لم تتوقف عند هذا الحد، بل تواصلت أيضاً عندما وجد برينان أن تلك النقوش تُصور حيوانات مثل الأبقار والخيول والفيلة والزرافات تجري وسط مروج ضخمة وأنهار وحدائق، في الوقت الذي كانت فيه منطقة جانت التي تضم تلك الكهوف، مجرد صحراء قاحلة لا زرع فيها ولا ماء!

النقوش عمرها 30 ألف عام

اكتشاف الكهوف جذب العلماء من أنحاء العالم كافة لزيارة صحراء جانت، حيث توافدوا إلى الجزائر لدراسة وتحليل تلك الرسومات العجيبة، وبينما اعتقدوا أنهم سرعان ما سيكتشفون زيف تلك الرسومات وأنها مجرد نقوش مضللة رسمها شخص عابث في العصر الحديث، كانت النتائج التي بينتها الصور التي التقطوها بالمعدات الحديثة كالتصوير والتحليل والمسح الذري مذهلة وصادمة للجميع.

ومن خلال تلك النتائج اكتشف العلماء أن تلك النقوش أصلية وغير مزيفة،  وأن عمرها يرجع إلى نحو 30 ألف عام، فهل كان الإنسان في هذا الوقت المبكر للغاية من تاريخ البشرية قادراً على إنتاج رسوم ونقوش بهذه الدقة؟ فضلاً عن المعاني الغريبة التي تحملها والتي تشير إلى أن من رسموا هذه النقوش كانوا على قدر عالٍ من التقدم العلمي.

النتائج التي توصل إليها العلماء فتحت الباب لعشرات الأسئلة: فمن أين جاء البشر الذين رسموا هذه النقوش الغريبة؟ وما تفسير تلك الرسومات؟ ولماذا يظهر بعضها وكأنه يصور مشاهد من حياتنا في العصر الحاضر؟ 

وللإجابة على هذه الأسئلة، وضع العلماء الكثير من الافتراضات والنظريات، كان أشهرها على الإطلاق ثلاث نظريات لازالت تثير الجدل حتى الآن.

ثلاث نظريات تثير الجدل حول كهوف تاسيلي

أولاً: الفضائيون القدامى

تزعم تلك النظرية أن كائنات ذكية من خارج عالمنا، زارت كوكب الأرض في العصور القديمة، وفي فترات ما قبل التاريخ، واستطاع البشر القدامى التواصل معها والتعرف على علومها.

أنصار هذه النظرية يؤمنون بأن الاتصال بين الفضائيين والبشر، كان له الأثر الأكبر في تطور الثقافات البشرية والتقنية، وأن علوم هذه الكائنات يمكن العثور عليه في حضارات أخرى في أماكن أخرى، مثل حضارة المصريين القدامى وحضارة بابل في العراق وحضارة المايا في بيرو.

يدحض هذه النظرية، أن علماء الفلك لم يكتشفوا حتى الآن ورغم التقدم التقني المذهل الذي وصلت إليه البشرية، أي مظاهر للحياة خارج كوكب الأرض، فمن أين جاءت هذه الكائنات الفضائية المزعومة؟!

قارة أتلانتس المفقودة

نظرية أخرى تبناها عدد غير قليل من الباحثين، تقول إن تلك الرسوم تعود إلى سكان قارة أتلانتس المفقودة، التي ذُكرت لأول مرة على لسان أفلاطون عندما تحدث عن زيارته إلى مصر، وقال إن الكهنة أخبروه عن قارة عظيمة كانت بالقرب من أعمدة "هرقل" خلف جبل طارق، وبلغ التقدم فيها إلى درجة كبيرة ومذهلة لكنها اختفت بشكل مفاجئ ولسبب غامض.

إلا أن الحديث عن أتلانتس في حد ذاته محل شك، ولم يعثر العلماء حتى الآن على دليل واحد يُثبت أن قارة بهذا الاسم قد وجدت يوماً ما.

حضارة قديمة غامضة

أما النظرية الثالثة فتقول إن تلك النقوش والرسومات تُسجل الحياة في حضارة قديمة غامضة، كانت موجودة بالفعل في تلك المنطقة، وقد وصلت من التقدم والتطور إلى مرحلة يصعب تخيلها قبل أن تندثر بشكل يبدو مفاجئ وغامض، ما جعل ذكرها يختفي من التاريخ.

النظرية الثالثة تجد انتشاراً أوسع بين العلماء، إلا أنها تظل أيضا غير مكتملة، فلم تُجب بشكل قاطع على سؤال: هل كان الإنسان في هذا الوقت قادراً على صناعة آلات وأدوات تساعده على الطيران؟ وإن كانت الإجابة بالنفي فما هو تفسير هذه الرسومات التي سجلت أناساً يحلقون في الفضاء؟

الثابت أن أحداً لم يقدم حتى الآن تفسيراً علميا مكتملاً يكشف حقيقة الرسومات والنقوش في كهوف تاسيلي العجيبة، إلا أن شهرة تلك الكهوف وقيمتها العلمية دفعت منظمة اليونسكو إلى تسجيلها عام 1982 في قائمة التراث العالمي، كإرث حضاري نادر باعتبارها أكبر متحف مفتوح للرسوم الصخرية البدائية على كوكب الأرض.