عكس الكون: هذه القرية النمساوية تخشى انتهاء كورونا

  • تاريخ النشر: الخميس، 25 يونيو 2020
عكس الكون: هذه القرية النمساوية تخشى انتهاء كورونا

بينما يتوق العالم بأسره إلى التخلص من جائحة كورونا المستجد، هناك قرية سياحية نمساوية شهيرة تتخذ موقف مغايراً تماماً، حيث تخشى انتهاء الوباء.

وقبل أشهر قليلة، كان سكان قرية هالشتات النمساوية السياحية، يبحثون عن طريقة لوقف تدفق ملايين السائحين إلى بلدتهم الخلابة، ومع تفشي فيروس كورونا وتوقف الرحلات الجوية حول العالم، يبدو أن أمنيتهم تحققت حيث باتت قريتهم خالية من الأغراب.

وكان الهم الرئيسي للسكان المحليين، أن تتحول قريتهم إلى متنزه في الهواء الطلق، إلا أن ذلك لم يتحقق بسبب ظاهرة السياحة المفرطة التي تعاني منها هالشتات، حيث يزورها مليون زائر سنوياً، في الوقت الذي يبلغ فيه عدد سكانها 750 نسمة فقط.

عكس الكون: هذه القرية النمساوية تخشى انتهاء كورونا

يقول رئيس البلدية ألكسندر شوتز: قريتنا الصغيرة قبل كورونا كانت تنافس مدناً مثل البندقية وبرشلونة من حيث عدد السائحين، فهناك أكثر من 600 ألف صورة لهالشتات على أنستغرام.

وفي غضون 5 سنوات فقط، تضاعف عدد الحافلات السياحية الوافدة إلى هالشتات ليصل في عام 2019 إلى 21 ألف و254 حافلة، وكانت مجموعات السياح الكبرى تأتي من الصين وتايوان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية.قبل سنوات لم يكن الوضع كذلك في هالشتات، لكن هناك بعض الأحداث تسببت في شهرتها المفرطة، فهناك تشابه واضح بين القرية النمساوية والقرية التي صورت فيها سلسلة أفلام فروزن، حيث البيوت الخشبية المغطاة بالثلوج وأبراج الكنيسة المدببة.

كذلك ساعد الكشف عن نسخة طبق الأصل من هالشتات في العالم 2012 في مقاطعة غوانغدونغ جنوب الصين، بالإضافة إلى احتلالها موقعاً بارزاً في مسلسل تليفزيوني كوري، في شهرتها.

عودة الهدوء وظهور الانقسام

بينما ساهم تفشي فيروس كورونا في عودة السكينة والهدوء إلى القرية، عاد إلى الواجهة نقاشاً حول أعداد السائحين، ووفقاً لرئيس البلدية، ثمة انقسام متزايد بين الكاسبين والخاسرين المحليين من ازدهار السياحة.

تقول سيلفيا سكريليك المقيمة في المنطقة: إذا كنت لا تستطيع السير في الشارع بسبب الزحام، وإذا كان الناس يتناولون وجباتهم فيما يحدق بهم أشخاص ينتظرون شغور المكان، فإن هذا يعد أمراً مزعجاً.

ورغم أن سكريليك تمتلك متجراً للأواني الخزفية وتعتمد على العائدات السياحية، فإنها تشعر بأن أعداد السائحين خرجت عن السيطرة.

وتوافقها في الرأي فيرينا لوبيسر التي تكسب عيشها أيضاً من قطاع السياحة حيث تدير فندقاً، قائلة: كان الناس مثل النحل على وعاء العسل، متمنية أن تفتح هذه الأزمة أعين الناس على حقيقة أن هالشتات أصبحت ضحية نجاحها.

وحول القرية، نصبت لوحات مختلفة تشير إلى الضغوط التي سببتها السياحة المفرطة، حيث كتب على إحداها: الطائرات المسيرة ممنوعة، بينما تحض أخرى الزوار على تذكر أن هالشتات ليست متحفاً.

قلق من انتهاء كورونا

بينما كانت النمسا تخفف من تدابير الإغلاق التي فرضتها لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد في مايو/ آيار، أدخلت هالشتات نظاماً جديداً للحد من أعداد الحافلات السياحية.

وبدأ العمل بهذا النظام بعد سريان شائعات على وسائل التواصل الاجتماعي أقلقت السكان المحليين، حول نية ديزني استخدام هالشتات لتصوير أحد أفلامها.

وفي الوقت الحالي يتوافد على هالشتات زوار من النمسا أو بعض الدول المجاورة فقط، وفي هذا الصدد تقول إحدى أبناء القرية: حال هالشتات الآن يذكرنا بالحال التي كانت عليها في السابق ونود أن تبقى على هذا النحو.

وقال ألكسندر شوتز، إنه عندما يتعلق الأمر بالسياحة، يمكن أن تستبدال الكمية بالنوعية، مشيراً إلى أن فترة الراحة التي أحدثها الفيروس يجب أن تكون فرصة لإعادة الأمور إلى نصابها، لكن الأمر لن يكون سهلاً، علينا أن نبدأ من الصفر.

وساعدت شهرة هالشتات على نجاتها من النزوح الذي تعاني منه العديد من المجتمعات الريفية الأخرى، كما ساهمت في توفير وظائف وإيرادات محلية.  

ورغم كل ذلك، فإن عضو البلدية والناشط في مجال الحفاظ على البيئة فريدريش إيدام غير مقتنع بفوائد السياحة المفرطة، ويرى أن الحل سيكون بفرض رسوم دخول إلى القرية.