قصة حلوى المولد النبوي: طقوس مصرية خاصة للاحتفال بالذكرى

  • تاريخ النشر: الخميس، 29 أكتوبر 2020
قصة حلوى المولد النبوي: طقوس مصرية خاصة للاحتفال بالذكرى

يحتفل المسلمون من حول العالم اليوم الخميس، بذكرى مولد نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، وبينما يطغى على هذه المناسبة الإكثار من الذكر والعبادات، إلا أن المصريين لهم طقوس خاصة للغاية في هذا اليوم من كل عام.

وقبل يوم 12 ربيع الأول من العام الهجري، بنحو شهر كامل، تظهر شوادر الحلوى في مختلف الشوارع المصرية، تزينها دمى ترتدي ثياب بيضاء اللون، وأخرى مصنوعة من السكر على شكل عرائس أو أحصنة.

ولأن تاريخ مصر يشهد لها بأن احتفالاتها بالمناسبات الدينية والتاريخية عادة ما تكون مميزة وتتربط في أغلب الأحيان بالمأكولات، كانت حلوى المولد هي الطقس الشعبي في ذكرى المولد النبوي.

ولحلوى المولد في مصر تاريخ طويل يقارب عمره 1000 عام، يعود إلى الفاطميين، أصحاب الريادة في إدخال الكثير من المظاهر الاحتفالية في مصر.

الفاطميون وحلوى المولد

الدولة الفاطمية  - التي حكمت مصر خلال الفترة بين عامي 972 و 1171 م - هي أول من صنعت حلوى المولد النبوي، ليس بهدف ديني وإنما للترويج السياسي لحكمها، حيث كان الفاطميون يدرسون طبيعة وطبائع الشعوب التي يخرجون إليها من وجهة نظر اجتماعية، وبمعرفتهم طبيعة الشعب المصري وحبه للاحتفالات، استغلوا هذه النقطة كنوع من التودد والترويج لأنفسهم لدى المصريين.

وكان الفاطميون يصنعون الحلوى ويوزعونها مجاناً على الشعب في يوم المولد النبوي، وبعدما لاقت إعجاب المصريين ظهرت محلات لبيعها وكانت تُسمى "العلاليق" لأنها كانت تعلق على أبواب المحلات التجارية في سوق مخصوص للحلويات يسمى "سوق الحلوين"، ومن هنا أصبحت عادة سنوية ممتدة حتى يومنا هذا، بحسب الباحث الأثري المتخصص في الآثار الإسلامية والقبطية، سامح الزهار.

الحصان والعروسة

إلى جانب الحلوى التي تتعدد أشكالها بين المكسرات والملبن وجوز الهند، هناك عروس وحصان، سواء كانا مصنوعان من السكر أو دمى مصنوعة من البلاستيك أو الخشب.

وبالنسبة لحصان المولد، فهناك رأيان حول أصله، الرأي الأول يقول إن الحصان يمثل الخليفة صاحب الفتوحات والانتصارت وهو يجلس فوق الحصان ويحمل السيف.

أما الرأي الثاني، فيقول إنه في عهد الحاكم بأمر الله، منع جميع الاحتفالات في مصر لمدة طويلة وأبقى فقط على الاحتفال بيوم المولد النبوي، ومن أهم الاحتفالات التي ألغيت، هو الاحتفال بالزواج، واستغل المصريون يوم احتفالات المولد النبوي لإقامة حفلات زفافهم، وكان هناك رمزية للحصل تمثل العريس الذي استطاع أن يقتنص عروسه في هذا اليوم.

وبالنسبة لعروس المولد، فيقول المؤرخون إنها كانت تمثل زوجة الخليفة، وعلى مر الزمان ظلت العروسة والحصان هما الأشهر لما يمثلان من فرحة خاصة عند المصريين.

ومرت الاحتفالات بالمولد النبوي بالكثير من المنعطفات التاريخية والسياسية والاجتماعية، وفي مصر الخديوية انتقل الأمر من الاحتفال الشعبي للاحتفال الرسمي، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن باتت وزارة الأوقاف مسؤولة عن تنظيمه.

عام لم يحتفل فيه المصريون بمولد النبي

وعندما جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر نهاية القرن الـ18 بقيادة نابليون بونابرت، لم تحتفل مصر بالمولد النبوي بسبب المشكلات الاقتصادية التي كانت تعاني منها، ومن هنا فكر نابليون كسب ود المصريين عن طريق الاهتمام باحتفالاتهم الدينية وعلى رأسها المولد النبوي، وأرسل مبلغاً كبيراً للشيخ البكري، نقيب الأشراف حينها، مطالباً إياه بصناعة حلوى المولد، وأخرج المواكب والطبول للاحتفال بهذه المناسبة.

وعلى مر السنين، حاول الحكام المتتاليين بشتى الطرق القضاء على جميع مظاهر الاحتفالات التي أرساها الفاطميون، بدعوى أن هناك حروباً ولا وقت للرفاهية، وكان الأمر في باطنه يستهدف محو فترة حكم الفاطميين من ذاكرة المصريين، لكن الشعب المصري أبى أن يتخلى عن مثل هذه الاحتفالات التي تحولت إلى عادات راسخة حتى يومنا هذا.