لوحة "رحلة الإنسانية": تدخل موسوعة غينيس وتُباع بضعف السعر المتوقع

بـ62 مليون دولار، أصبحت لوحة "رحلة الإنسانية"، للفنان البريطاني ساشا جفري، ثاني أغلى لوحة تُباع في مزاد لفنان على قيد الحياة، حيث أقيم مزاد في مدينة دبي الإماراتية، التي احتضن أحد فنادقها مراحل تنفيذ هذا العمل الفني خلال 7 أشهر متواصلة، واشتراها ثري فرنسي يعيش في المدينة الإماراتية.

وقبل أيام، دخلت "رحلة الإنسانية" موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكبر لوحة مرسومة على قماش في العالم، وتبلغ مساحتها نحو 17 ألف قدم مربعة، أي ما يعادل 1980 متراً مربعاً من القماش.

ومن المقرر أن تذهب الأموال لأعمال خيرية تتعلق بدعم تعليم وصحة الأطفال الأقل حظاً في العالم.

فكرة لوحة "رحلة الإنسانية

بينما كان الرسام البريطاني ساشا جفري، عالقاً في مدينة دبي الإماراتية جراء أزمة جائحة كورونا التي حطت على العالم، ويقضي فترة عزله في فندق أتلانتس النخلة، استلهم فكرة لوحته الجديدة التي تتمحور حول العزلة والاتصال.

وبالفعل، حول إحدى قاعات الفندق إلى مساحة عمل لبناء لوحته التي تعادل حجم ملعبي كرة قدم، والتي كان ينتوي بها تسجيل أرقاماً قياسية في موسوعة غينيس العالمية، بالإضافة إلى بيعها بمبلغ 30 مليون دولار، تذهب لصالح الأطفال المحتاجين، لكن القدر كان كريماً للغاية حيث بيعت بضعف المبلغ المتوقع.

واستغرق جفري 7 أشهر كاملة لتنفيذ لوحته، بواقع 20 ساعة عمل يومياً.

 وتعكس اللوحة أثر جائحة كورونا على العالم والأرض، فما لا يمكن وصفه بالكلمات، خطه جفري على هذا العمل الفني، راصداً التحولات التي عبرتها الإنسانية والتشتت الذي فرضته الجائحة.

وتتألف لوحة جفري من أربعة أقسام، حيث يمثل أحدها روح الأرض، بينما تشير الأقسام الأخرى إلى الطبيعة والإنسانية والكون بشكل أوسع.

ولتنفيذ هذا العمل الفني الفريد، استخدم ساشا 1065 فرشاة رسم و 6300 لتر من الطلاء.

ماذا يقول ساشا جفري عن لوحته؟

يقول جفري: "ما حدث كان أمراً مثيراً للاهتمام، كان ذلك في يناير 2020، حينها شعرت أن العالم قد أصبح منفصلاً بعضه عن بعض، وعندما أصبحنا كبشر منفصلين عن الأرض، فإن مشكلتنا تتجاوز كوفيد-19، ومن هنا شعرت برغبة في خلق شيء يُحدث تغييراً اجتماعياً حقيقياً، وهو ما نحتاجه الآن"، بحسب موقع CNBC عربية.

وأضاف: "رغبت في ربط وثاق البشرية بهذه اللوحة، فهي رحلة للبشرية، نحن بحاجة إلى إحداث تغيير لأنه إذا لن نقم به فلن نغير أبداً".

وعن فيروس كورونا المستجد قال جفري: "أعتقد أن عالمنا كان يجب أن يتوقع شيئاً أسوأ من كوفيد 19، لم تعد البشرية تسير على ما يرام وهناك مشاكل كبيرة، إننا نواجه هذا المرض وهو يعمل على استقرار الأشياء من وجهة نظر مالية واجتماعية، المرض يضعنا جميعاً على قدم المساواة، فجأة جميع الرجال والنساء متساوون مع بعضهم البعض، ويمكن للجميع رؤية حياتهم تنقلب رأساً على عقب مع الإصابة بهذا المرض، كنا بحاجة إلى هذا النداء التحذيري، لكنها مأساة بالطبع، فهناك أشخاص فقدوا حياتهم"، بحسب موقع euronews.

الأطفال شاركوا في صنع اللوحة

كجزء من المشروع، دعا ساشا جفري الأطفال من جميع أنحاء العالم لإرسال إبداعاتهم حول موضوع العزلة والاتصال لإضافتها إلى اللوحة.

وقال جفري: "طلبت من أطفال العالم إرسال أعمالهم الفنية التي تدور حول مشاعرهم وعواطفهم في ظل عزل كورونا، نحن كبالغين ندرك أن العزل كان أمراً صعباً، قضينا أشهر صعبة ومحبطة ومخيفة للغاية، لكن تخيل كيف يشعر طفل عمره 4 سنوات؟".

وبالفعل، أدرج جفري في لوحته رسومات لأطفال في أكثر من 140 دولة: "جزء من اللوحة ممتلئ برسومات الأطفال، نقاء نيتهم أثمر شيئاً قوياً فعلاً، وبرفقة قلوبهم وعقولهم سننتقل إلى عالم أفضل، هدفنا تغيير حياة الأطفال في ربوع المعمورة وأن نحاول إعادة التواصل بين البشر". 

إنسانية ملهمة

وتعاونت مؤسسة دبي العطاء الإنسانية في الإمارات - التي تعمل على تعزيز فرص حصول الأطفال في البلدان النامية على التعليم الأساسي السليم - مع الفنان البريطاني، وأطلقت إحدى مبادرات الشيخ  محمد بن راشد آل مكتوم العالمية: إنسانية ملهمة، والتي تتضمن إعداد أول لوحة فنية من نوعها تُرسم على القماش، ومن ثم بيعها وتوجيه ريعها للأعمال الخيرية.

وستدعم مبادرة إنسانية ملهمة أولئك الأكثر احتياجاً في ظل جائحة كوفيد 19، وينضم إليها شركاء من القطاع الحكومي في دولة الإمارات بما في ذلك وزارة التسامح والتعايش ووزارة التربية والتعليم، إضافة إلى دائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي.

من الذي اشترى "رحلة الإنسانية"؟

اشترى اللوحة الفريدة من نوعها أندريه عبدون، وهو فرنسي يعيش في دبي ويعمل في مجال العملات المشفرة.

وبينما كان جفري ينتوي بيع لوحته بعد تقسيمها إلى 70 قطعة، وجمع الأموال لصالح الأعمال الخيرية، طرح عبدون سعراً للوحة كاملة.

وقال أندريه عبدون إنه يبحث عن "خطوة ثانية" للوحة، على أمل أن يجمع مزيداً من الأموال للأعمال الخيرية، لكنه لم يخوض في مزيد من التفاصيل، وحالياً ينتوي ترك اللوحة في مدينة دبي.

من المستفيد من ثمن لوحة رحلة الإنسانية؟

بشكل رئيسي توجه الأموال لصالح الأطفال الأقل حظاً في العالم، من خلال مجموعة من المؤسسات الخيرية ومن بينها: منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو"، مؤسسة غلوبات غفت ومؤسسة دبي للعطاء.

أغلى لوحة فنية لفنان على قيد الحياة

لوحة "رحلة الإنسانية" هي ثاني أغلى لوحة بيعت في مزاد لفنان على قيد الحياة، أما اللوحة الأولى كانت للفنان ديفيد هوكني التي رسمها في عام 1972 باسم "بورتريه فنان: حوض سباحة مع شخصيتين"، وبيعت في مزاد عام 2018 مقابل 90.3 مليون دولار.

وفي مارس الجاري، بيع عمل فني رقمي مقابل نحو 70 مليون دولار، في أول بيع بدار مزادات كبرى لقطعة فنية غير موجودة بشكل مادي.