سحر هوي آن: مدينة تنبض بالتاريخ والجمال في قلب فيتنام

  • تاريخ النشر: الأحد، 05 أكتوبر 2025 زمن القراءة: 3 دقائق قراءة
سحر هوي آن: مدينة تنبض بالتاريخ والجمال في قلب فيتنام

بين أزقة ضيقة مضاءة بالفوانيس الملونة وعلى ضفاف نهر Thu Bồn، تقع مدينة هوي آن في وسط فيتنام كتحفة تاريخية لا تزال تحتفظ بروحها القديمة. هذه المدينة المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو تتميز بمزيج معماري يجمع بين الطراز الفيتنامي التقليدي والتأثيرات الصينية واليابانية والفرنسية، نتيجة قرون من التبادل التجاري والثقافي. التجول في هوي آن يمنح الزائر إحساسًا بأنه عاد بالزمن إلى القرون الماضية، حيث تبقى المنازل الخشبية والمحال الصغيرة والجسور التاريخية شاهدة على ازدهارها القديم كميناء تجاري منذ القرن الخامس عشر. وعلى الرغم من التغيرات التي شهدها العالم، نجحت المدينة في الحفاظ على هويتها الأصلية بفضل جهود أهلها والحكومة في حمايتها وترميمها.

العمارة التاريخية وروح التراث

الطابع المعماري لهوي آن هو أحد أكثر الجوانب التي تخطف الأنفاس فيها، إذ تضم أحياء قديمة مليئة بالمنازل المبنية من الخشب والقرميد بتفاصيل زخرفية صينية واضحة. من أشهر المعالم في المدينة "الجسر الياباني المغطى" الذي بُني في القرن السابع عشر ليربط بين الأحياء التجارية الصينية واليابانية، وقد أصبح رمزًا للمدينة. كما توجد منازل تجارية قديمة مثل "منزل تان كي" الذي يعكس دمج الزخارف الصينية مع تصاميم فيتنامية تقليدية. وتحتفظ المتاجر والبيوت بأثاثها الخشبي ونوافذها المزخرفة وأبوابها المنزلقة، وهو ما يمنح الزائر تجربة معيشية حقيقية لحقبة ازدهار المدينة التجاري. المشي في الشوارع القديمة المغلقة أمام السيارات يزيد الشعور بالأصالة والسكينة.

الثقافة والحياة اليومية

على الرغم من مظهرها التاريخي، فإن هوي آن لا تزال مدينة حية تنبض بالأنشطة الثقافية والأسواق والحرف التقليدية. تنتشر الورش الصغيرة لصناعة الفوانيس الملونة التي تشتهر بها المدينة، حيث يُمكن للزائر مشاهدة الحرفيين وهم يشكلون الهياكل الخشبية ويكسونها بالأقمشة الحريرية. كما تُعرف هوي آن بخياطة الملابس حسب الطلب بسرعة فائقة، إذ يقصدها المسافرون للحصول على بدلات وفساتين مصممة في غضون يوم أو يومين فقط. الأسواق النهرية والمقاهي الشعبية والمطاعم التي تقدم أطباقًا محلية مثل "كاو لاو" و"وايت روز دامبلنغ" تضيف بعدًا آخر للتجربة. يُميز المدينة كذلك احتفالات ليلة الفوانيس التي تُطفأ فيها الأضواء ويكتفي السكان والزوار بوهج الفوانيس الورقية المنعكسة على الماء.

الطبيعة المحيطة والتجارب السياحية

لا تقتصر جاذبية هوي آن على البلدة القديمة فقط، بل تمتد إلى المناطق الريفية المحيطة بها وسواحلها القريبة. تقع شواطئ "آن بانغ" و"كوا داي" على مسافة قصيرة من المركز، وتوفر ملاذًا هادئًا لعشاق السباحة والاسترخاء. كما تنتشر حقول الأرز الخضراء التي يمكن استكشافها بالدراجة أو من خلال جولات بالقوارب الصغيرة في غابات النخيل المائية. وتقدم القرى الحرفية القريبة مثل "قرية ثانه هان" تجربة فريدة لصناعة الفخار يدويًا، بينما تُظهر "قرية كام ثانه" زراعة الخضروات العضوية بالطرق التقليدية. هذه الرحلات تُظهر التعايش المتناغم بين الإنسان والبيئة، وتعزز فهم الزائر للثقافة الريفية في وسط فيتنام.

في النهاية، تُعد هوي آن واحدة من الوجهات القليلة التي نجحت في الحفاظ على روحها التاريخية دون أن تفقد ارتباطها بالحاضر. فهي ليست مجرد متحف مفتوح، بل مدينة حية تجمع بين الجمال المعماري والثقافة النابضة والطبيعة العذراء. زيارتها تتيح للمسافر فرصة لالتقاط لحظات نادرة من الصفاء بصحبة شعب ودود وتاريخ محفوظ بعناية. إنها مكان يقرأ فيه الزائر صفحات الماضي بينما يستمتع بتجربة عصرية هادئة، مما يجعلها واحدة من أكثر المدن سحرًا في آسيا والعالم.

اشترك في قناة سائح على واتس آب لجولات حول العالم