الازدحام المروري تحت الماء: فنّ بيئي يعيد الحياة إلى ميامي

  • تاريخ النشر: السبت، 25 أكتوبر 2025 زمن القراءة: دقيقتين قراءة
مقالات ذات صلة
10 نصائح لتفادي ازدحام المرور خلال العطلات السياحية
متحف كانكون تحت الماء: تجربة فريدة تجمع بين الفن والغوص
دليلك للحياة الفنية في فيينا

في سابقة فنية وبيئية غريبة من نوعها، اختارت مدينة ميامي أن تنقل ازدحامها الشهير إلى الأعماق، لكن هذه المرة بشكل مدهش يخدم الطبيعة والبيئة البحرية. قبالة شاطئ ساوث بيتش، بين الشارعين الرابع والخامس، يرقد الآن موكب مكوّن من 22 سيارة خرسانية غُرست على عمق يقارب 20 قدمًا تحت سطح الماء، لتصبح جزءًا من مشروع فني ضخم يُعرف باسم "ذا ريفلاين" (The Reefline) — متنزه للنحت تحت الماء يمتد لمسافة سبعة أميال، يجمع بين الفن والعلوم والاستدامة البيئية في مشهد لا مثيل له.

الفن يلتقي بالبيئة

هذا المشروع المبتكر هو ثمرة تعاون عالمي بقيادة المنسقة الأرجنتينية والناشطة الثقافية إكسيمينا كامينوس، التي جمعت تحت مظلتها فنانين وعلماء أحياء بحرية ومهندسين لتحقيق رؤية تجمع بين الجمال والفائدة البيئية. السيارات الخرسانية التي تشكل النواة الأولى لـ"ذا ريفلاين" ليست مجرد أعمال فنية غارقة، بل هي أيضًا حاضنات للحياة البحرية. إذ سيتم زرعها بأكثر من 2200 قطعة من الشعاب المرجانية المستزرعة في مختبر خاص بميامي، باستخدام تقنية "كورال لوك" (Coral Lok)، وهي طريقة حديثة وسريعة لزراعة المرجان بطريقة مستدامة. الهدف النهائي هو تحويل هذه الهياكل الصناعية — التي كانت رمزًا للتلوث — إلى شعاب نابضة بالحياة تسهم في تجديد النظم البيئية المهددة.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

الفنانون وراء المشهد

تتميز هذه السيارات الغارقة بتصميمها الفريد الذي ابتكره الفنان الأرجنتيني لياندرو إيرليتش، المعروف بإبداعاته في مجال الأوهام البصرية والمشاهد السريالية. صمم إيرليتش المركبات لتكون بمثابة "شقق مرجانية" يمكن أن تتحول إلى موطن للكائنات البحرية. وعن فكرته قال: "ما كان يومًا وسيلة للتلوث أصبح اليوم وعاءً للحياة، وما فصلنا عن الطبيعة بات بوابتنا لعودتها". تحمل كلماته عمق التحول الذي يمثله المشروع — من رمز للازدحام والضوضاء إلى أيقونة للتجدد والتوازن البيئي. المشروع لا يقف عند حدود الفن فقط، بل يخلق مساحة جديدة تجمع بين الفن المعاصر والاستدامة البيئية في تجربة حسية تستدعي الغوص لاكتشافها.

خطة مستقبلية طموحة

المخطط الرئيسي لـ"ذا ريفلاين" من تصميم المعماري الياباني شوهي شيجيماتسو من شركة OMA الشهيرة، ويهدف إلى دمج الفن البحري بالنسيج الحضري لميامي بيتش بطريقة تفاعلية. ومن المقرر أن تتضمن المراحل المقبلة منحوتات ضخمة مثل "قلب أوكيانوس" للفنان بيتروك سيستي و"نجمة ميامي المرجانية" للفنانين كارلوس بيتانكور وألبرتو لاتوري. هذه المبادرة غير الربحية تموَّل جزئيًا عبر سندات للفنون والثقافة بقيمة 5 ملايين دولار، أقرها سكان ميامي في استفتاء عام 2022، وتحظى بدعم جهات ثقافية ومؤسسات خيرية كبرى مثل مؤسسة نايت ومؤسسة بلافاتنيك. كما ستُطلق المدينة "مركز ريفلاين العائم للتعلم البحري" بالتعاون مع جامعة ميامي لتعليم الطلاب والزوار عن حماية الشعاب واستعادتها عمليًا في البيئة البحرية.

في النهاية، يمثل "ذا ريفلاين" نموذجًا مثاليًا لتلاقي الإبداع مع المسؤولية البيئية، حيث تتحول الخرسانة الباردة إلى ملاذ نابض بالحياة تحت الأمواج. إنه ازدحام مروري مختلف، لا يُثير التوتر بل يدعو إلى التأمل، ولا يستهلك الوقود بل يغذي المحيط بالحياة. في ميامي، يبدو أن الطريق إلى المستقبل يمر هذه المرة عبر أعماق البحر.