العيد الوطني للمغرب: احتفاء بالهوية ومسيرة الاستقلال

  • تاريخ النشر: الإثنين، 17 نوفمبر 2025 زمن القراءة: دقيقتين قراءة | آخر تحديث: الثلاثاء، 18 نوفمبر 2025
مقالات ذات صلة
العيد الوطني العُماني 2025: احتفاء بتاريخ عريق ومستقبل واعد
عيد استقلال باكستان
عيد استقلال الجزائر

يشكّل العيد الوطني للمغرب في 18 نوفمبر مناسبة راسخة في الوجدان المغربي، حيث تحتفي المملكة بذكرى استقلالها ومسارها الطويل في مقاومة الاستعمار وتثبيت دعائم الدولة الحديثة. ويُعد هذا اليوم فرصة لإحياء قيم الوطنية، واستحضار النماذج التي ساهمت في بناء المغرب المعاصر، بدءًا من رموز الحركة الوطنية وصولًا إلى الجهود الإصلاحية والتنموية التي تشهدها البلاد اليوم. وفي كل عام، تتجدد الاحتفالات في المدن والقرى المغربية بعروض شعبية ورسمية، تحمل معها مزيجًا من الفخر بالانتماء والتطلع للمستقبل.

رمزية 18 نوفمبر وجذور الاحتفال التاريخية

يرتبط تاريخ 18 نوفمبر بإعلان الملك محمد الخامس سنة 1955 نهاية عهد الحماية وعودة العائلة الملكية من المنفى، وهو الحدث الذي مثّل نقطة تحوّل أساسية في الوعي الوطني المغربي. هذا التاريخ لم يكن مجرد إعلان سياسي، بل كان تتويجًا لعقود طويلة من المقاومة الشعبية والفكرية، شارك فيها العلماء والقبائل والمدن والحركات الإصلاحية. وقد ثُبّت هذا اليوم لاحقًا كعيد وطني يجمع بين الرمزية التاريخية والدلالة السياسية، إذ يستحضر المغاربة خلاله خطاب الملك محمد الخامس الذي بشّر فيه ببداية عهد جديد عنوانه الحرية والكرامة ووحدة الوطن. ومنذ ذلك الحين، أصبح 18 نوفمبر مناسبة وطنية شاملة تتجدد فيها مشاعر الانتماء وتُستعاد فيها قصص البطولة والنضال.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

مظاهر الاحتفال في المدن المغربية

تتميّز احتفالات العيد الوطني للمغرب بطابع يجمع بين الرسمي والشعبي، إذ تُنظَّم عروض عسكرية ورسمية في عدد من المدن الكبرى، فيما تزدان الساحات العامة بالأعلام المغربية واللافتات التي تحمل رسائل وطنية. كما تشهد المدارس والجامعات فعاليات توعوية ومحاضرات تُعرّف الأجيال الجديدة بتاريخ المقاومة. في الأسواق والميادين، تُقام أنشطة فولكلورية تُبرز التنوع الثقافي للمغرب من الأطلس إلى الصحراء، حيث تُعرض رقصات أحواش والعيطة وغيرها من الفنون التراثية التي تعبّر عن ثراء الهوية المغربية. وتمنح هذه الأجواء للزائر أو السائح فرصة للتعرّف على المغرب من زاوية ثقافية وإنسانية عميقة، بعيدًا عن الصورة النمطية للسياحة التقليدية.

العيد الوطني ودوره في تعزيز الهوية والتنمية

لا يقتصر العيد الوطني للمغرب على الاحتفاء بالماضي فقط، بل يشكّل لحظة لتقييم الحاضر واستشراف المستقبل. فمع كل احتفال، تستعرض الدولة المغربية مشاريعها التنموية الكبرى، سواء في مجالات البنية التحتية أو الطاقة المتجددة أو الاقتصاد الأخضر أو التعليم. كما تُطلق مؤسسات المجتمع المدني مبادرات تعزز روح المواطنة، مثل حملات التشجير والعمل التطوعي ودعم الفئات الهشة. يعكس هذا التفاعل بين الدولة والمجتمع رغبة مشتركة في بناء مغرب متطور يجمع بين الأصالة والتحديث. وفي الوقت ذاته، تسهم هذه المناسبة في ترسيخ قيم الولاء والالتفاف حول الثوابت الوطنية، وفي تعزيز الهوية الثقافية والانفتاح على العالم.

يبقى العيد الوطني للمغرب مناسبة تتجاوز حدود الاحتفال الشكلي لتعبّر عن عمق تاريخي وثقافي وسياسي يشكّل جزءًا لا يتجزأ من هوية المملكة. فهو يوم تستعاد فيه ذاكرة التحرر ومسيرة البناء، وتُجدَّد فيه العزيمة على مواصلة التنمية وتعزيز الوحدة الوطنية. وفي كل 18 نوفمبر، يثبت المغرب قدرته على الجمع بين ماضيه العريق وحاضره المتجدد، في مشهد يُلهم مواطنيه ويثير إعجاب زواره على حدّ سواء.