اليوم الوطني الأردني: حكايات على طريق الاستقلال وتأسيس الدولة

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 25 مايو 2021 آخر تحديث: الخميس، 25 مايو 2023
اليوم الوطني الأردني: حكايات على طريق الاستقلال وتأسيس الدولة

في مثل هذا اليوم، الخامس والعشرين من شهر مايو/آيار من كل عام، يحل علينا اليوم الوطني الأردني، الذي يحتفل به الأردنيون متذكرين استقلالهم عن الاحتلال البريطاني، ودور الهاشميين في إرساء دعائم دولتهم الحديثة القائمة على مبادئ الثورة العربية الكبرى في الحرية والوحدة والحياة الفضلى.

وتحمل ذكرى الاستقلال هذا العام أهمية خاصة، كونها تتزامن مع احتفال الأردن بمئوية الدولة التي تأسست في عام 1921.

المملكة الأردنية الهاشمية

دولة تقع في جنوب غرب قارة آسيا، ضمن منطقة الشرق الأوسط، وتمثل الجزء الجنوبي لبلاد الشام، والشمالي لمنطقة شبه الجزيرة العربية.

وللأردن حدود مشتركة مع كل من سوريا من الشمال، وفلسطين من الغرب، والعراق من الشرق، وتحدها من الشرق والجنوب المملكة العربية السعودية، كما تطل مدينة العقبة جنوبي الأردن على خليج العقبة، الفرع الشرقي للبحر الأحمر، ويعتبر هذا المنفذ البحري الوحيد للدولة.

وسُميت الأردن بهذا الاسم، نسبة إلى نهر الأردن الذي يمر على حدودها الغربية، وكلمة "الأردن" تعني الشدة والغلبة، وقيل إن الأردن أحد أحفاد النبي نوح عليه السلام.

وعندما أسس الملك عبدالله بن الحسين، الأردن في 11 أبريل/ نيسان 1921، كانت تُعرف باسم "إمارة شرق الأردن، ثم أصبحت المملكة الأردنية الهاشمية، فهي مملكة لأن نظام الحكم فيها ملكي، وهاشمية نسبة إلى بني هاشم، حيث إن ملوك الأردن ترجع أصولهم لهاشم، الجد الأكبر للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.

وتبلغ مساحة الأردن 89 ألفاً و 287 كليومتر مربع، بينما يصل عدد سكانها إلى 9 ملايين و 531 ألفاً و 712 نسمة، بحسب التعداد العام للسكان الذي أجري في عام 2015.

ولموقعها الاستراتيجي، تعاقبت العديد من الحضارات على الأردن على مر التاريخ، من آرامية ويونانية وفارسية وآشورية وبيزنطية، إضافة إلى الحضارة العربية الإسلامية.

ويرجع وجود العرب في الأردن إلى القرن الرابع قبل الميلاد، حيث قامت مملكة الأنباط في مدينة البتراء، ولا تزال آثارها موجودة حتى وقتنا الحاضر، وقد انتشر الإسلام في الأردن عام 630م، في معركة مؤتة، حيث انتهى حكم الرومان الذي دام طويلاً، وفي عام 1099 حدث صراع بين المسلمين والصليبيين، انتهى بفوز المسلمين في معركة حطين عام 1187 بقيادة القائد صلاح الدين الأيوبي.

واستمر الأردن تحت حكم الأيوبيين، إلى أن استولى المماليك على السلطة عام 1260، وبقوا في الحكم حتى هزيمتهم من قبل الإمبراطورية العثمانية عام 1516 ليدخل الأردن تحت سيطرتها.

تاريخ استقلال الأردن

استمر حكم العثمانيين للأردن نحو 400 عام، حتى قيام الحرب العالمية الأولى عام 1914، حين شجعت بريطانيا الشعب الأردني وغيره من الشعوب العربية، على الثورة ضد العثمانيين لنيل استقلالاهم، وبالفعل شاركت الشعوب فيما عُرف بالثورة العربية الكبرى عام 1916.

وبعد الانتصار على العثمانيين، انتظر الأردنيون الحصول على الاستقلال وفق الوعود البريطانية التي لم تتحقق، حيث وقعت كل من بريطانيا وفرنسا بمصادقة روسيا، اتفاقية "سايكس بيكو"؛ لتحديد مستقبل البلدان العربية التي كانت تحت سيطرة العثمانيين بعد هزيمتهم في الحرب العالمية الأولى، وكانت الأردن من نصيب بريطانيا، التي وضعتها ضمن وعد بلفور الذي قدم فلسطين وطناً لليهود.

ورغم أن "سايكس بيكو" تم توقيعها في سرية تامة، إلا أن أمرها كُشف بعدما نشرتها الحكومة السوفيتية في عام 1917، عقب قيام الثورة الشيوعية في روسيا، الأمر الذي أثار استياء الشعوب العربية ومن بينها الشعب الأردني الذي لم ينفك عن المطالبة باستقلال أراضيه.

لكن في عام 1921، وقعت محادثات بين الأمير عبدالله بن الحسين، ووزير المستعمرات البريطاني تشرشل، في القدس، وكانت نتيجتها تأسيس حكومة وطنية في شرق الأردن يرأسها الأمير عبدالله، تحت الانتداب البريطاني.

ويعتبر عبدالله الأول هو مؤسس الأردن الحديث، وأول من أقام نظاماً حكومياً مركزياً في هذا البلد العشائري، وفي عهده وُضع أول دستور للأردن عام 1928، وانتخب أول برلمان في العام التالي 1929.

وبين عامي 1928 و1946، دخل استقلال الأردن مرحلة حاسمة، حيث أعلن سكان شرق الأردن رفضهم  الانتداب البريطاني، من خلال عرائض أرسلوها إلى الأمير عبدالله والحكومة الأردنية وعصبة الأمم المتحدة، مطالبين باستقلال أكبر لإمارة شرق الأردن، لتكون دولة عربية مستقلة ذات سيادة.

لكن الثورة الفلسطينية التي نشبت عام 1936 ثم الحرب العالمية الثانية عام 1939، حالت دون الإسراع بتحقيق المطالب، وبعد انتهاء الحرب، عادت الحكومة الأردنية  تطالب بريطانيا باستقلال البلاد، حتى ظهرت بوادر الاستجابة على لسان وزير الخارجية البريطاني بيفن، في خطاب ألقاه خلال اجتماع هيئة الأمم المتحدة الذي عقد في لندن في يناير/ كانون الثاني 1946، حيث أشار إلى أن التطور السياسي الذي حدث في شرق الأردن، وصل إلى مرحلة يمكن معها رفع الانتداب.

وفي مارس/ آذار من نفس العام، تم توقيع معاهدة صداقة وتحالف بين الحكومة البريطانية والحكومة الأردنية، التي أشارت صراحة إلى اعتراف بريطانيا بالاستقلال الكامل لشرق الأردن مع تبادل التمثيل السياسي بين الدولتين على قدم المساواة، إلا أن بريطانيا احتفظت لنفسها في تلك المعاهدة بتواجد قوات لها في شرق الأردن، وأن يقوم ضباط بريطانيين  بالعمل مع القوات الأردنية لتدريبهم ومساعدتهم مقابل مساعدات مالية تقدمها لشرق الأردن.

وتم عرض المعاهدة الأردنية البريطانية على مجلس الوزراء الذي قبلها في مارس عام 1946، وقرر عرضها على المجلس التشريعي الذي اجتمع في يوم السبت الموافق 25 مايو/ آيار، وقرر بالإجماع إعلان شرق الأردن دولة مستقلة استقلالاً تاماً، ومبايعة الأمير عبد الله بن الحسين ملكاً دستورياً على البلاد، على أن يُعطى لقب حضرة صاحب الجلالة، ملك المملكة الأردنية الهاشمية.

واعتبر ذلك اليوم عيداً وطنياً للأردن، يتم الاحتفال به كل عام في تاريخ 25 مايو.

رؤساء الأردن

بعد تحقيق الاستقلال، أعلن البرلمان الأردني الملك عبدالله الأول بن الحسين ملكاً على البلاد، واستمر في الحكم حتى اغتياله في عام 1951، بينما كان يغادر المسجد الأقصى في القدس.

وفي 6 سبتمبر/ أيلول عام 1951، تسلم الملك طلال بن عبدالله، سلطاته الدستورية ملكاً على المملكة الأردنية الهاشمية، ليواصل مسيرة والده ويعززها بإصدار الدستور الأردني، كما عمل على توطيد العلاقات مع الدول العربية ووقع اتفاقية الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بين الدول العربية.

وخلف الملك طلال الملك الحسين بن طلال عام 1952، بينما كان يبلغ من العمر 17 عاماً، وبعدما اتم السن القانونية أدى اليمين الدستورية في مجلس الأمة عام 1953، ملكاً على المملكة الأردنية الهاشمية، وواصل مسيرة الاستقلال بتعريب قيادة الجيش العربي عام 1956، وإنهاء المعاهدة الأردنية البريطانية عام 1957.

وفي فبراير/ شباط عام 1999، أدى الملك عبد الله الثاني بن الحسين، اليمين الدستورية ملكاً على البلاد، وفي عهده حرص لى النهضة الشاملة التي تحقق الحياة الكريمة للأردنيين وترسي مبادئ الاستقلال والوحدة والحرية والحياة الفضلى.

وحتى الآن، يرعى الملك عبدالله الثاني بن الحسين، حفل الاستقلال الذي يجري سنوياً في باحة قصر رغدان العامر، الذي يشهد تكريم عدد من الشخصيات التي أسهمت في نهضة البلاد بالأوسمة الملكية.

احتفالات اليوم الوطني الأردني

يُعد اليوم الوطني الأردني، عطلة رسمية للمؤسسات الحكومية كافة، ويتم الاحتفال فيه بتنظيم موائد طعام خيرية، وإقامة ندوات في مراكز مختلفة حول موضوعات تخص الانتماء الوطني والسيادة الوطنية، بالإضافة إلى إضاءة السماء ليلاً بالألعاب النارية.

العلم الأردني

بدأ استخدام العلم الأردني بصورته الحالية عام 1922، وهو مستمد في شكله وألوانه من راية الثورة العربية الكبرى، ولكن تم اعتماده رسمياً في 16 أبريل/ نيسان عام 1928، ليتم الاحتفال بهذا اليوم "اليوم الوطني للعلم" كمناسبة وطنية، تعمق قيم العلم لدى الأجيال الجديدة، وتؤكد على مكانته في قلوب الأردنيين ووجدانهم.

وحدد الدستور الأردني مواصفات العلم، حيث نصت المادة الرابعة على أن تكون الراية على الشكل والمقاييس التالية: طولها ضعف عرضها، وتُقسم أفقياً إلى ثلاث قطع متساوية متوازية: العليا منها سوداء، والوسطى بيضاء، والسفلى خضراء، ويوضع عليها من ناحية السارية مثلث قائم أحمر قاعدته مساوية لعرض الراية وارتفاعه مساو لنصف طولها، وفي هذا المثلث كوكب أبيض سباعي الأشعة مساحته مما يمكن أن تستوعبه دائرة قطرها 1.4 من طول الراية، وهو موضوع من حيث يكون وسطه عند نقطة تقطاع الخطوط بين زوايا المثلث، وبحيث يكون المحور المار من أحد الرؤوس موازياً لقاعدة هذا المثلث.

وتشير ألوان العلم، الأسود والأبيض والأخضر، إلى الحضارات العربية الإسلامية الأموية والعباسية والفاطمية، في حين يمثل المثلث الأحمر الذي يجمع أجزاء العلم الأسرة الهاشمية، وترمز النجمة السباعية في منتصف المثلث إلى السبع المثاني في فاتحة القرآن الكريم.

اشترك في قناة سائح على واتس آب لجولات حول العالم