حقيقة كسوة الكعبة على مر العصور ... تعرفوا على تاريخها

  • تاريخ النشر: الإثنين، 20 أغسطس 2018
كسوة الكعبة على مر العصور ... تعرفوا على تاريخها

عبر كتب السير والتاريخ تتصدر الرواية الأبرز حول أول من كسا الكعبة المشرفة قبل الإسلام , كان تبع الحميري ملك اليمن هو من تناولته سطور التاريخ وأشارت أنه كساها في الجاهلية بعد أن زار مكة ودخلها دخول الطائعين.

حقيقة كسوة الكعبة على مر العصور ... تعرفوا على تاريخها

ويذكر المؤرخون لتاريخ الكعبة عن بعض الروايات , أن ( تبع الحميري ) كسا الكعبة بالخصف , وهي ثياب غلاظ , ثم كساها المعافير أو المعافر وهي في الأصل اسم بلد سميت به الثياب المعافيرية التي تصنع فيها ثم كساها بالملاء وهي ثوب لين رقيق نسيج واحد وتسمى الرابطة، ثم كسا الكعبة بالوصائل وهو ثوب أحمر اللون مخطط يماني.


أيضاًصور : في المطار.. من هنا تبدأ الرحلة إلي بيت الله الحرام


ثم واصل خلفاء تبع من بعده فكسوها بالجلد والقباطي , ثم تابع من بعدهم الكثيرون في الجاهلية , باعتبار ذلك واجباً دينياً وشرفا عظيماً , وتشير الروايات إن الكسوة آنذاك كانت توضع على الكعبة المشرفة بعضها فوق بعض , فإذا ماثقلت أو بليت أزيلت عنها وقسمت .

كسوة الكعبة في الإسلام

لم يجد المؤرخون رواية تقودهم نحو حقيقة المسلمين أنهم كسوا الكعبة المعظمة قبل الفتح , لكن يورد بعضهم رواية تؤكد إن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم , أول من كساها في الإسلام بالقباطي.

وتشير الروايات تفاصيل كساء الكعبة المشرفة , وذلك عند فتح مكة أبقى النبي عليه أفضل الصلاة والسلام الكسوة القديمة التي كسيت بها في عهد المشركين ولم يستبدلها , حتى أحترقت على يد امرأة تريد تبخيرها فكساها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالثياب اليمانية , ثم كساها الخلفاء الراشدون من بعده ,ابو بكر وعمر رضي الله عنهما بالقباطي والبرود اليمانية , فكساها عثمان بن عفان رضي الله عنه بكسوتين أحدهما فوق الأخرى فكان هذا العمل الأول من نوعه في الاسلام , أما عن علي رضي الله عنه لم ترد روايات او اشارات مؤرخين أنه كسا الكعبة , نظرا لانشغاله بالفتن التي حدثت في عهده , ثم واصل من بعدهم ملوك الاسلام والسلاطين في شتى العصور يتعهدون الكعبة في كساءها والاهتمام بها ويرون في ذلك واجباً من الواجبات الدينية .

كسوة الكعبة المشرفة في العصر السعودي

مرت كسوة الكعبة المشرفة بحوادث عدة وخلافات متعددة على مر العصور , ولم تسلم في العصور الحديثة من أهواء السياسة والتدخلات , فقد ظلت مصر ترسل كسوتها للكعبة المشرفة عبر قرون طويلة , إلى أن توقفت لأسباب سياسية كانت أخرها حادثة المحمل في عام 1344 من الهجرية .

حينها شرعت المملكة العربية السعودية أبواب الصناعة لكسوة الكعبة عبر دار خاصة بمحلة أجياد أمام دار وزارة المالية العمومية بمكة المكرمة في عام 1346 من الهجرة , فهي تعتبر أول دار خصصت لحياكة الكسوة بالحجاز منذ أن كسيت الكعبة في العصر الجاهلي الى العصر الحال وقد كسيت الكعبة المشرفة في ذلك العام وبهذه تعد أول حلة سعودية تصنع في مكة المكرمة .

مصنع كسوة الكعبة الحديث بأم الجود في مكة المكرمة

تواصل الاهتمام من أبناء المؤسس الملك عبدالعزيز ال سعود يرحمة الله ,في العناية في صناعة الكسوة وتطويرها حيث انتقل مصنع كسوة الكعبة في يوم السبت السابع من ربيع الاخر سنة 1397 من الهجرة الى مبناه الجديد بأم الجود , وقد تم تجهيزة بأحدث المكائن المتطورة في الصناعة , وظلت حتى حينه تنتج حلة في ابهى صورها فاقت صناعتها كل من سبقوا اليها ومشهدها اليوم خير برهان .

المراحل التي تقطعها كسوة الكعبة المشرفة

تمر مراحل كسوة الكعبة المشرفة بمجموعة من الأقسام الفنية والتشغيلية على النحو التالي:

قسم المصبغة :

يتولى قسم المصبغة مهمة إزالة المادة العالقة بخيوط الحرير( السرسين ) وذلك بواسطة أحواض ساخنة ومواد كيماوية خاصة مخلوطة وموزونة بنسب مئوية معينة, وصولاً لضمان ثبات درجة اللون المطلوب الى غسل البطانة القطنية الخاصة لكسوة الكعبة المشرفة ثم بعد ذلك يتم صباغة الحرير باللون الأسود بالنسبة للثوب الخارجي للكعبة أو اللون الأخضر للستارة الداخلية , علماً بأن الكمية المستهلكة من الحرير الطبيعي للكسوة ( 670 ) كيلوغرام.

قسم المختبر:

يقوم هذا القسم باجراء الاختبارات المتنوعة للخيوط الحريرية والقطنية من أجل التأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية المطلوبة من حيث قوة شد الخيوط الحريرية ومقاومتها لعوامل التعرية إضافة الى عمل بعض الأبحاث والتجارب اللازمة لذلك.

قسم النسيج اليدوي والألي:

النسيج اليدوي:

لايزال هذا القسم يحافظ على قيمته المعروفة عالمياً , لكنه بات ألان بمنأى عن الأقسام الإنتاجية الأخرى في عملية الإنتاج واكتفى بعرض تاريخه ورونقه في اطلاع الزائر عن بداية إنتاج الكسوة في العهد السعودية عن طريق الأنوال القديمة " المناسج الخشبية " .. مع محافظته حالياً على الصناعة اليدوية التقليدية الممثلة في تفريغ مكرات الخيوط القطنية وتحويلها الى شلل لسهولة صبغها باللون المطلوب , ومن ثم اعادة لفها يدوياً على مكرات لاستخدامها في حشوات الآيات القرآنية المقصبة والزخارف الإسلامية الفضية والذهبية . 

النسيج الآلي:

بأحدث المكائن العالمية المتطورة تدورعجلة الإنتاج في هذا القسم الذي يلعب دوراً هاماً في نسج كسوة الكعبة المعظمة الداخلية والخارجية , بنظام الجاكارد الذي يحتوي على العبارات والآيات القرآنية المنسوجة , فيعمل القسم نوعين من الحرير , الحرير الأسود المنقوش بالعبارات , والحرير السادة المخصص للمذهبات من حزام الكعبة والقناديل وستارة باب الكعبة , حيث تعمل هذه الماكينات لنسج الكسوة بعدد 9.986 خيط للمتر الواحد في زمن قياسي, ناهيك عن البطانات القطنية للكسوة . كل ذلك يدار ألياً مما أدى الى سرعة الإنتاج وتحسين الاداء كماً ونوعاً وشكلاً, مع انخفاض التكلفة والجهد والوقت.

قسم الطباعة :

يلعب هذا القسم دوراً هاماً في عملية وضع الرسم الأول من حيث طباعة الآيات القرآنية والزخارف الإسلامية, في هذا القسم يتم أولاً تجهيز المنسج وهو عبارة عن ضلعين متقابلين من الخشب المتين ثم يشد عليهما قماش خام ( للبطانة ) ثم يثبت عليه قماش حرير أسود سادة غير منقوش الذي يطبع عليه حزام الكسوة وستارة باب الكعبة وكافة المطرزات . 
وبعد اكتمال التثبيت يتولى العاملون طباعة الآيات القرآنية بواسطة استخدام السلك سكرين مع الحبر الأبيض والأصفر.


بالفيديو: 61 صورة تجسد موسم الحج! حجاً مبروراً


قسم الحزام ( التطريز):

يتولى قسم الحزام مهمة تطريز المذهبات والفضيات والزخارف الإسلامية,حيث تتم هذه العملية الفريدة أولاً بوضع الخيوط القطنية بكثافات مختلفة فوق الخطوط والزخارف المطبوعة على القماش الأسود ,مع الملاحظة الفنية في كيفية أصول التطريز والمطبوعات على الأقمشة المشدودة على المنسج , ثم بعد ذلك يتبدأ الكوادر الفنية المهرة بعمل الغرز اللازمة ولحشو والقبقبة باستخدام الاسلاك الفضية والمطلية بالذهب .
وينتج هذا القسم عدد (12 ) قنديل , و(4 ) سورة الإخلاص توضع في أركان الكعبة , وعدد ( 16 ) قطعة لحزام الكعبة , و (6 ) قطع ما تحت الحزام بمختلفة الأحجام , إضافة الى الستارة الخارجية لباب الكعبة , وأكبر قطعة من جهة باب الكعبة كتب فيها صنعت بالمملكة العربية السعودية . ( ملاحظة هنا ,, التأكد من عدد القطع لاسيما القطع الذي تم مؤخرا تركيبها كحدود للطواف )

قسم خياطة الكسوة ( تجميع القطع ) 

هذا القسم لايقل أهمية عن الأقسام الأخرى , حيث يتولى عملية تجميع كل القطع من طاقات قماش الحريربكل جنب من جوانب الكعبة الأربعة وتوصيلها ببعضها البعض , وتثبيت القطع المذهبة من حزام وقناديل على الثوب الأسود , وذلك باستخدام أحدث الماكينات العالمية الحديثة التي صنعت خصيصاً لكسوة الكعبة وخصصت لهذا الغرض , ليتكامل شكل الكسوة الخارجي كما هو ظاهر للجميع وفي شكل أخاذ بصناعة سعودية وكوادر وطنية .

تحديث وتطوير الماكينات

على خطى المؤسس الملك عبدالعزيز رحمة الله , واصل ابنائه البررة من بعده في العناية بالكعبة وكسوتها خير عناية وتعظيم , فقد صدر مؤخراً موافقة خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، على تحديث وتغيير الأنظمة الإلكترونية والأجهزة الكهربائية والمعدات الميكانيكية بمصنع كسوة الكعبة المشرفة بما يوافق الأنظمة المستحدثة.وتعد هذا الخطوة نقلة تطويرية متقدمة في مجال صناعة رداء الكعبة المشرفة .

دعم العمل الإنتاجي بكوادر فنية

مع دعم فرص التوظيف ليواكب احتياجات المصنع , اقتضت الحاجة في إنشاء قسم حديث يتولى مهمة تدريب الكوادر الفنية الملتحقة حديثاً بالعمل, حيث يقوم بهذه المهمة في التدريب والتأهيل مجموعة من الكوادر الفنية السعودية التي لها باع طويل وخبرة ومهارة في حياكة الكسوة وتطريزها, فيما يتولى كل مدرب اعطاء المتدرب دروساً يومية في مجال تخصصه في العمل سواء في التطريز او التعامل مع المكائن او الصباغة او المختبر , وتصل الدورة التدريبية الى سنة كاملة أحياناً حسب نوعية التدريب والمهنة مع منح المتدرب الاحتكاك في ساعات العمل مع كوادر لها خدمة طويلة لكي تعطي جودة اكثر وتغذي مخرجاته التي تم التدريب عليها . علماً بأن عملية التدريب هذه ليس لها معاهد متوفرة تجيد مهارة التعامل مع حياكة وتطريز ثوب الكعبة وتدريبها , بيد أن الخبرة هي الأساس تضع المتدرب في طريق العمل للمستقبل , وهذا ماشعرت به ادارة المصنع من تخريج الدفعات السابقة التي وضعت لمسات لاتقل عن لمسات زملائهم اقدماء .

وحدة العناية بكسوة الكعبة المشرفة

نظراً لما تتعرض له كسوة الكعبة المعظمة من احتكاك يومي وتعلق به من قبل الزوار والحاج والمعتمر لاسيما في أوقات الذروة , فقد لوحظ مؤخراً تأثر ثوب الكعبة وبدت عليه علامات التمزق , لهذا ارتأت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بإنشاء وحدة عناية بداخل الحرم المكي الشريف تعمل على مدار اليوم , تتولى مهمة خياطة الثوب في موقعه على الكعبة عند ملاحظة مايطرأ عليه من تمزق او تأثر, فهذه الخطوة وفرت علينا جهد كبير من عملية التنقل , فيما حافظت على الاهتمام السريع بحلة الكعبة الجميلة , والحد من امتداد التأثر او التمزق إلى مستوى أوسع ربما قد يفقد السيطرة عليه وبالتالي يصعب تجميعه او أعادته على هيئة الأولى.

مقتطفات عامة:

  • أول كسوة صنعت في المملكة العربية السعودية بمكة المكرمة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالعزيز ال سعود رحمة الله 1346 هجرية. 
  •  في بداية عهد الملك فهد بن عبدالعزيز يرحمة الله تم استبدال ستارة الكعبة الداخلية عام 1403هجرية ثم عام 1417 هجرية. 
  •  كمية الحرير الطبيعي المستخدمة في صناعة الكسوة 670 كيلوجراماً
  •  عدد طاقات القماش المستخدم في كسوة الكعبة 47 طاقة قماش بعرض 98سم
  •  يبلغ إرتفاع كسوة الكعبة المشرفة 14 متراً
  •  مقاس عرض قماش الكسوة من جهة الركنين 10.78 أمتار.
  • مقاس عرض قماش الكسوة من جهة الملتزم 12.25 متراً.
  • مقاس عرض قماش الكسوة من جهة الحِجر 10.29 أمتار.
  • مقاس عرض قماش الكسوة من جهة باب إبراهيم 12.74 متراً.
  • مراسم تسليم كسوة الكعبة المشرفة في غرة ذي الحجة لسدنة بيت الله الحرام.
  • استبدال كسوة الكعبة المعظمة في اليوم التاسع من ذي الحجة من كل عام 
  • الكلفة الإجمالية في صناعة الكسوة تقدر 20 مليون ريال سعودي 
  • يبلغ طول ستارة باب الكعبة المشرفة 6.32 متراً بعرض 3.30 متراً