شذوذ بحر البلطيق: جسم غامض لا نعرف من أين جاء!

  • تاريخ النشر: الأحد، 29 نوفمبر 2020
شذوذ بحر البلطيق: جسم غامض لا نعرف من أين جاء!

اكتشف مصادفة عام 2011 أثناء البحث عن كنز في قاع البحر، العلماء يرونه تكويناً طبيعياً من صنع البراكين، هواة الغموض يؤمنون بأنه من صنع حضارة مجهولة، مهوسون يعتقدون أنه مركبة فضائية من خارج الأرض وقلة يعتقدون أنه بوابة إلى عالم آخر!

في حلقة اليوم من برنامج "عجائب الآثار" نروي لك قصة اكتشاف "شذوذ بحر البلطيق"، الجسم الذي لا نعرف من أين جاء!

اكتشاف شذوذ بحر البلطيق

"أوشن إكس" Ocean X، هو واحد من فرق الغوص التي تبحث عن الكنوز الغارقة بالقرب من شواطئ البلدان الأوروبية، حيث يغوص أعضاؤه تحت الماء بحثاً عن القطع البحرية التي لا تزال قابعة في قاع المياه؛ لاستخراج ما بها من مقتنيات وبيعها بوصفها قطع أثرية.

في صيف عام 2011، كان الفريق يقوم بإحدى رحلاته الاستكشافية في بحر البلطيق بين السويد وفنلندا، عندما فوجئ بجسم غريب يقبع تحت الماء أثار دهشة كل أعضاء الفريق.

كان الجسم عبارة عن تكوين حجري دائري بقطر 200 قدم، يتضمن تفاصيل وسمات غير اعتيادية شبيهة بالمنحدرات والسلالم وبعض الهياكل التي لا تنتجها الطبيعة عادة في قاع البحار.

وبعدما تخلى الفريق عن دهشته، التقط صورةً وحيدةً لهذا الجسم باستخدام تقنية السونار، إلا أن الصورة كانت غير واضحة ويصعب التأكد من تفاصيلها بدقة.

جسم غامض أثار الكثير من الشائعات حوله

سريعاً، انتشرت أخبار هذا الجسم الغامض بين الصحف ومواقع الإنترنت، لتبدأ سلسلة لم تنته حتى الآن من الشائعات حوله، وسط تساؤل رئيسي: هل هذا الجسم الغامض من صنع الطبيعة؟ أم أنه من صنع البشر؟

الكثيرون من هواة الغموض والإثارة آمنوا بأن هذا الجسم هو أثر من صنع الإنسان يكشف تاريخ حضارة غامضة لم نسمع عنها من قبل، بينما اعتقد آخرون أنه جسم فضائي جاء من خارج كوكب الأرض، فيما تمثلت أغرب الشائعات في القول بإنه بوابة للانتقال إلى عالم آخر!

مما زاد من الشائعات، أن بعض هواة التلاعب بالصور، تطوعوا لإنتاج صور مخادعة لهذا الجسم الغامض، أظهرته وكأنه أشبه بطبق طائر، إضافة إلى رسوم توضيحية خيالية افترضت الكثير من التفاصيل التي لم تكن موجودة أبدا به.

ولكن يبدو أن تلك الشائعات جاءت على هوى فريق "أوشن إكس"، حيث خرج رئيس الفريق بيتر ليندبرج في لقاء تلفزيوني، ليغذّي هذه الشائعات بقوله إن هذا الجسم احتوى بالفعل على تشكيلات سلالم غريبة يصعب أن تكون من صنع الطبيعة، وإذا كان حقا مبنى من صنع الإنسان، فلابد أنه صُنع قبل عشرات الآلاف من السنين، قبل العصر الجليدي، حتى ينتقل ويستقر في قاع المحيط بهذا الشكل.

ليندبرج لم يستبعد أن يكون هذا الجسم دليلاً على وجود قارة أتلانتس الأسطورية التي لطالما تحدثت عنها الأساطير القديمة، معتبراً أنه إذا صح هذا الاعتقاد، فسوف يكون أحد أهم الاكتشافات في التاريخ، معلناً أنه سيطلق على هذا الجسم اسم "شذوذ بحر البلطيق" إلى أن يتم التأكد من حقيقته ومعرفة اسمه الصحيح.

ولكن ما رأي العلماء في كل هذا؟

أثارت صورة السونار الوحيدة التي قدمها فريق "أوشن إكس"، الكثير من الانتقادات في الأوساط العلمية، خاصة بين خبراء علوم المحيطات، حيث قالوا أنه لا يمكن الوثوق في هذه الصورة للحصول على أي معلومات دقيقة، لأن بها تشوهات تجعلها عديمة الجدوى، مشيرين إلى أن الصورة أُنتجت في الغالب عن طريق أداة سونار رخيصة غير دقيقة تم استخدامها بشكل غير احترافي؛ لتنتج في النهاية هذه الصورة غير الموثوقة.

عالم متخصص في أبحاث الأحياء المائية، قال إن صورة السونار غير الواضحة كانت على الأرجح ناتجة عن نتوء صخري أو رواسب سقطت من سفينة صيد أو ربما مزرعة أسماك جرفتها المياه إلى القاع، واصفاً قصة هذا الجسم بأنها ممتعة ولكنها تفضي إلى لا شيء.

فيما قال علماء الآثار البحرية إنه لا يمكن استبعاد أن يكون هذا التكوين جيولوجي طبيعي، مشيرين إلى أن الجسم شكله غريب بالفعل ومثير للدهشة لأنه دائري تماماً، ولكن الطبيعة أنتجت أشياء أغرب من ذلك.

رحلة إخرى إلى شذوذ بحر البلطيق

الانتقادات التي وُجهت إلى الصورة، دفعت فريق "أوشن إكس" لإجراء رحلة استكشافية أخرى إلى الموقع ذاته بعد مرور عام على اكتشافه الأول؛ بهدف الحصول على صورة أوضح، إلا أن الفريق لم يتمكن من التقاط أي صورة جديدة، زاعمين أن تداخل كهربائي غامض منعهم من تنفيذ مهمتهم.

أعضاء الفريق قالوا إن الأجهزة الكهربائية والهواتف المرتبطة بالأقمار الاصطناعية التي كانوا يستخدمونها، توقفت فجأة عن العمل فور الدخول إلى نطاق هذا الجسم الغامض، وظلت متوقفة إلى أن خرجوا من منطقة تأثير الجسم، زاعمين أنهم رأوا أثر طويلاً يمتد إلى الجسم، ومرجحين أنه حصل عند سقوط الجسم من مكان ما!

وحتى لا يعود الفريق خالي الوفاض، التقط عينيات حجرية من ذلك الجسم الغامض، وأعطوها لاحقاً إلى بعض علماء الجيولوجيا لفحصها.

ماذا كانت النتيجة؟

قال علماء الجيولوجيا، إن العينات تضمنت أحجاراً من  الجرانيت والحجر الرملي وقطعة واحدة من الصخور البازلتية البركانية، وجميعها أحجار لا تتواجد في هذا الموقع من البحر عادة، إلا أنه لا يمكن اعتبارها غير عادية أو غامضة.

علماء الجيولوجيا أضافوا إنه نظراً لأن منطقة بحر البلطيق بأكملها متأثرة بشدة بعمليات ذوبان الجليد، فمن المحتمل أن تكون عينات الصور تلك قد انتقلت من أماكن بعيدة إلى قاع المحيط بفعل ذوبان الأنهار الجليدية، مشيرين إلى أن التركيب الكيميائي للعينات لا يشبه الصخور الشائعة في مثل هذا الموقع من البحر، إلا أنها جميعاً صخور يمكن أن تتكون بفعل الطبيعة لأسباب عديدة ومقبولة.

ما بين العلماء الذين يرونه تكويناً طبيعياً لا يستحق عناء البحث خلفه، وبين هواة الغرائب الذين يأملون في أن يكون أثراً غامضاً أو مركبة فضائية، يظل "شذوذ بحر البلطيق" قابعاً تحت المياه في هدوء وسكينة، منتظراً من يأتي ليفك ألغازه ويكشف حقيقته.

تابع معنا على سائح كل ما يتعلق بالسياحة والسفر حول العالم ونصائح السفر وأكثر المغامرات إثارة.

اشترك في قناة سائح على واتس آب لجولات حول العالم