كورونا ينعش هجرة الاستثمار: الأثرياء يبحثون عن ملاذات آمنة

  • تاريخ النشر: الإثنين، 21 سبتمبر 2020
كورونا ينعش هجرة الاستثمار: الأثرياء يبحثون عن ملاذات آمنة

أُثار تفشي فيروس كورونا المستجد حول العالم، الاتجاه نحو هجرة الاستثمار، بعدما تسبب في تقليل خيارات السفر أمام معظم سكان العالم، وهو الأمر الذي لا يروق للعائلات فاحشة الثراء، فلا بد من الحصول على جنسيات أخرى مقابل المال من أجل حرية تنقل أكبر.

هجرة الاستثمار

لم تعد طلبات جوازات السفر تعتمد على الجنسية أو المواطنة فقط، بل بات يمكن شراؤها بالمال، وهو المقصود بهجرة الاستثمار، ومن أجلها تحاول العديد من الدول تقوية جوازات سفرها لتتيح حرية تنقل أكبر بين البلدان، وهذا من شأنه جذب المزيد من الأثرياء للاستثمار.

وتعد برامج المواطنة عن طريق الاستثمار صناعة نامية، وكذلك برامج الإقامة عن طريق الاستثمار، والتي تعرف باسم التأشيرات الذهبية.

ويستعين الأثرياء بهذه الوسيلة، ليس فقط لتنويع محفظتهم من خلال نقل أموالهم إلى بلد ما، بل من أجل الحصول على مزايا الجنسية بما في ذلك جواز السفر الجديد.

كورونا يوسع مجال الاستثمار مقابل الجنسية

وخلال السنوات الـ15 الماضية، كانت الدوافع الأساسية للمشاركين في برامج المواطنة عن طريق الاستثمار، الذين تتراوح ثرواتهم الصافية بين 2 مليون و50 مليون دولار، تتمثل في الاستمتاع بحرية التنقل والحصول على المزايا الضريبية، إضافة إلى نمط حياة أفضل مثل: التعليم والحريات المدنية.

لكن تأثير كوفيد-19  على مجريات عام 2020، جعل العائلات الثرية تضع في حسبانها دوافع إضافية مثل الرعاية الصحية في البلدان المختلفة والاستجابة للأوبئة والملاذات الآمنة المحتملة لضمان وجود خطة طوارئ احتياطية للمستقبل.

الأثرياء يخططون لـ100 عام من الرفاهية

يقول الشريك الإداري ومدير منطقة جنوب شرق آسيا بشركة استشارات الإقامة والجنسية الدولية Henley & Partners، دومينيك فوليك: يرغب الناس في الحصول على بوليصة التأمين الخاصة بجنسية بديلة تمنحهم خطط بديلة، الناس يشعرون بالقلق بشأن الرعاية الصحية والتأهب للجائحة، بحسب موقع CNN بالعربية.

ويوضح فوليك: الأثرياء لا يخططون لمدة 5 أو 10 سنوات مقبلة، بل لأكثر من 100 عام من الثروة والرفاهية.

وترى شركة Henley & Partners، أن الزيادة الأخيرة في الاهتمام ببرامج المواطنة عن طريق الاستثمار، يمكن ربطها بظروف فيروس كورونا والمخاوف الصحية والتنبؤات العامة بنهاية العالم.

ونتيجة لتلك العوامل، سجلت الشركة ارتفاعاً نسبته 49% في الاستفسارات بين يناير و يونيو 2020.

كما زاد عدد الأشخاص الذين تقدموا بطلبات بعد تلقي الاستشارة بنسب 42%، خلال الربع الأول من عام 2020 مقارنة بالربع الأخير من عام 2019.

جنسيات على رأس القائمة

جاءت مونتينيغرو أو الجبل الأسود وقبرص على رأس الوجهات الأكثر شعبية بين الباحثين على جنسيات أخرى، حيث ارتفعت الطلبات الجديدة عليهما بنسبة 142% و 75% على التوالي خلال الربع الأول من عام 2020، كما احتفظت مالطا بنسبة الطلب عليها بشكل كبير.

يوضح فوليك أن الأثرياء ممن ترتفع قيمة ثروتهم الصافي يهتمون بقبرص ومالطا؛ لأنهما تمنحنا مقدم الطلب وأسرته حرية الوصول غير المحدود والاستيطان في جميع انحاء الاتحاد الأوروبي.

وأضاف: إنهم لا يتمتعون فقط بقدر أكبر من حرية الحركة، بل أيضاً بمستويات تعليم ورعاية صحية أفضل مقارنة ببلدانهم الأصلية.

كيفية التعامل مع الجائحة معيار جديد

كما ارتفع الطلب على برامج الإقامة مقابل الاستثمار في أستراليا ونيوزيلندا، لكن هذه المرة بسبب قدرتهما على إدارة الأزمات.

واحتلت نيوزيلندا الصدارة من حيث كيفية التعامل مع جائحة كورونا مقارنة ببعض الوجهات الأخرى الأكثر تفضيلاً مثل: المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة الأمريكية.

تكلفة برامج الإقامة في أستراليا ونيوزيلندا

وبإمكان العائلات فاحشة الثراء المشاركة في برامج الإقامة مقابل الاستثمار بقيمة تتراوح بين مليون و3.5 مليون دولار في أستراليا، و بينما ترتفع القيمة في نيوزيلندا لتتراوح بين مليون و 900 ألف إلى 6.5 مليون دولار.

يقول فوليك: يتميز برنامج نيوزيلندا بالمرونة الشديدة فيما يتعلق بما تستثمر فيه طالما أنه ليس للاستخدام الشخصي.

ملاذات آمنة وبعيدة

وشهدت الطلبات المقدمة من الأمريكيين والهنود والنيجيريين واللبنانيين ارتفاعاً  في عدد الطلبات على مدار الأشهر الـ9 الماضية، وقفزت الطلبات الأمريكية على وجه الخصوص بنسبة 700% في الربع الأول من 2020، وانضم هؤلاء الأثرياء إلى التدفق المستمر من قبل المستثمرين من الصين والشرق الأوسط.

وبكل بساطة، يبحث الأثرياء عن ملاذات بعيدة وآمنة لهم ولأسرهم حال تفشي جائحة جديدة.

البلدان الأصغر أفضل

تشير مؤسس شركة الاستشارات المالية الدولية Apex Capital Partners، نوري كارتز، إلى أن البلدان الأصغر قادرة على التعامل مع الجائحة وإدارتها بسهولة.

فعلى سبيل المثال، خرج الأمر عن السيطرة تماماً في الولايات المتحدة الأمريكية، بينما لم تتضرر البلدان الأصغر بالقدر ذاته، ففي دول الكاريبي مثل: دومينيكا وأنتيغوا وبربودا أو سانت كيتس، هناك عدد قليل للغاية من حالات الإصابة بفيروس كورونا.

وقال: يبدو أن هذه البلدان الصغيرة تنفتح، وهناك شعور بأنها ستكون قادرة على إدارة هذه المشكلة بشكل أفضل بكثير من الدول الكبيرة، لذلك هناك الكثير من الاهتمام بالطلب عليها من حيث الرعاية الصحية وأسلوب الحياة.

إضافة إلى ذلك، توفر الدول الجزرية الصغيرة، برامج مواطنة عن طريق الاستثمار بتكلفة أقل نسبية وحرية تنقل أكبر.

يوضح فوليك: إذا كنت تمتلك من مليون إلى 10 ملايين دولار على سبيل المثال، فإن منطقة الكاريبي تعد خياراً رائعاً لك.

وتقدم برامج الهجرة الاستثمارية الإقامة أو الجنسية مقابل استثمار كبير في اقتصاد الدولة، وعادة ما يكون ذلك في شكل عقارات، أو خلق فرص عمل، أو تطوير البنية التحتية.