مصر: تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني بمعبدي أبو سمبل

  • تاريخ النشر: الأربعاء، 22 أكتوبر 2025 زمن القراءة: دقيقتين قراءة
مصر: تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني بمعبدي أبو سمبل

شهدت مدينة أبو سمبل السياحية جنوب أسوان صباح اليوم الأربعاء حدثًا فلكيًا استثنائيًا جذب أنظار العالم، حيث تعامدت أشعة الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثاني داخل قدس الأقداس بمعبده الكبير، في مشهد مهيب يجسد عبقرية المصريين القدماء في علم الفلك والهندسة، واستمر لمدة 22 دقيقة كاملة، من الساعة 6:54 حتى 7:16 صباحًا بتوقيت القاهرة.

تجمع نحو 4 آلاف زائر من المصريين والسائحين الأجانب في ساحة المعبد لمتابعة هذه الظاهرة الفريدة التي تتكرر مرتين كل عام، في 22 فبراير و22 أكتوبر، حيث يتسلل ضوء الشمس عبر الممر الطويل للمعبد الذي يبلغ عمقه أكثر من 60 مترًا، ليضيء وجه الملك رمسيس الثاني وثلاثة تماثيل أخرى لآلهة كان يقدسها المصري القديم، هي الإله أمون ورع حور، بينما يبقى تمثال الإله بتاح في الظل، لأنه كان يُعتبر "إله الظلام".

وقال الدكتور فهمي الأمين، مدير عام الإدارة العامة للآثار المصرية واليونانية والرومانية بأسوان، إن الظاهرة الفلكية التي خلدها التاريخ منذ أكثر من 33 قرنًا تؤكد دقة التخطيط المعماري والفلكي الذي توصل إليه المصري القديم، مشيرًا إلى أن آلاف المشاهدين داخل المعبد وخارجه، وملايين عبر الشاشات ووسائل الإعلام العالمية، تابعوا لحظات تعامد الشمس التي أضاءت قدس الأقداس في مشهد يبعث بالفخر والإعجاب في آن واحد. وأضاف أن ساحة المعبد شهدت عرضًا مباشرًا للظاهرة على شاشات ضخمة، بالتنسيق مع وزارات الآثار والسياحة والثقافة، وبحضور عدد من القيادات والمسؤولين، من بينهم المهندس عمرو لاشين نائب محافظ أسوان.

من جانبه، أوضح الدكتور أحمد مسعود، كبير مفتشي آثار أبو سمبل، أن المصريين القدماء ربطوا توقيت الظاهرة بعلاقتهم بالزراعة والفصول، إذ يمثل 22 فبراير بدء موسم الزراعة والنماء، بينما يرمز 22 أكتوبر إلى موسم الحصاد. وأضاف أن الشمس عند شروقها تتعامد بدقة مدهشة على تمثال الملك، ثم تمتد لتضيء وجوه الآلهة الثلاثة، في دلالة رمزية على اتحاد الملك مع الإله رع حور، وتجديد طاقته كرمز للحياة والنور.

وكان محافظ أسوان الدكتور إسماعيل كمال قد وجّه برفع درجة الاستعداد القصوى لتجهيز مدينة أبو سمبل لاستقبال الزوار، وتزيين الميادين والشوارع المحيطة بالمعبد لتكون في أبهى صورة أمام الأفواج السياحية ووسائل الإعلام العالمية. كما جرى التنسيق بين الجهات الأمنية والسياحية لتأمين الحدث وتنظيم حركة الوفود التي حضرت لمتابعة هذا العرض الطبيعي الخالد.

تُعد ظاهرة تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني واحدة من أبرز الظواهر الفلكية في العالم، إذ تمثل مزيجًا متكاملًا من الفن والعلم والدين والفلك، وتعكس دقة الحسابات التي اعتمد عليها المصري القديم في تحديد اتجاهات المعبد وزوايا الضوء. إنها شهادة متجددة على عبقرية المصريين القدماء، وقدرتهم الفريدة على تطويع الطبيعة لخدمة رموزهم الحضارية والروحية، مما يجعل من أبو سمبل — كل عام — مسرحًا سماويًا يعيد كتابة التاريخ بنور الشمس على وجه الملك الخالد.

اشترك في قناة سائح على واتس آب لجولات حول العالم