من الكهوف إلى الأشجار: إقامات غريبة لا تُصدق

  • تاريخ النشر: الخميس، 16 أكتوبر 2025 زمن القراءة: 3 دقائق قراءة
من الكهوف إلى الأشجار: إقامات غريبة لا تُصدق

قد يظن البعض أن الفنادق محدودة بين الأبراج الشاهقة أو المنتجعات الشاطئية التقليدية، لكن عالم السفر الحديث فتح الباب على مصراعيه أمام مفاهيم إقامة خارجة تمامًا عن المألوف، لدرجة أن بعض الوجهات تحوّلت من مجرد مكان للنوم إلى تجربة حياة لا تُنسى. من الكهوف المحفورة في قلب الجبال التركية إلى الأكواخ المعلقة وسط الأشجار في غابات أفريقيا وآسيا، بات بإمكان المسافر اليوم أن يعيش ليلة كما لو كان إنسانًا بدائيًا، أو طائراً يحلق بين الأغصان، أو حتى مستكشفًا فضائيًا في فقاعة زجاجية تحت سماء مليئة بالنجوم. هذه الفنادق تقدم أكثر من سرير ووسادة؛ إنها قصص تُعاش بكل التفاصيل، وتعيد تعريف معنى الرفاهية بعيدًا عن الذهب والرخام لتصبح الرفاهية الحقيقية في التجربة نفسها.

الكهوف الفندقية: العودة إلى قلب الطبيعة بأسلوب فاخر

في منطقة كابادوكيا بتركيا تنتشر مجموعة من الفنادق الكهفية التي حُفرت في الصخور البركانية منذ مئات السنين، وكانت تستخدم قديمًا كمساكن أو أديرة، قبل أن تتحول اليوم إلى غرف فندقية مجهزة بكل وسائل الراحة، لكنها تحتفظ بجمالها الخام وبساطتها الحجرية. ما يجعل هذه الإقامات ساحرة هو المزج بين التاريخ والحداثة؛ حيث ينام الضيف بين جدران صخرية عمرها آلاف السنين بينما ينعم بتدفئة أرضية وجاكوزي خاص وإطلالة على مداخن الجنيات الشهيرة. وتظهر تجارب مشابهة في مدينة ماتيرا الإيطالية، حيث تحولت الكهوف القديمة إلى أجنحة فندقية مضاءة بشموع خافتة وأثاث خشبي يدوي يمنح الزائر شعورًا بأنه يعيش في زمن آخر دون أن يفقد رفاهية الحاضر. حتى في الأردن، وتحديدًا في وادي رم، تنتشر مخيمات فخمة داخل تجاويف صخرية أو على أطراف الكثبان الرملية، ما يضيف لمسة صحراوية ساحرة لمن يبحثون عن العزلة الهادئة والسماء المتلألئة ليلًا.

فنادق الأشجار: النوم فوق الأرض بروح طفولية

على الجانب الآخر من التجارب الأرضية، تظهر الإقامات المرتفعة فوق الأشجار كخيار رومانسي ومليء بالمغامرة. في السويد مثلًا، توجد سلسلة فنادق تُعرف باسم «تري هوتيل» تُقام كبُنى هندسية معلقة بين الأشجار بأشكال غير مألوفة مثل صندوق مرايا يعكس الغابة أو سفينة فضائية تلمع ليلاً وسط الظلام. وفي أفريقيا، تحديدًا في كينيا وتنزانيا، تنتشر منازل خشبية معلقة تسمح للنزيل بمشاهدة الحيوانات البرية من شرفته دون أن يغادر غرفته. كما تقدم تايلاند وماليزيا تجارب مشابهة وسط الغابات المطيرة، حيث تنتشر أكواخ من البامبو ترتفع عدة أمتار فوق سطح الأرض وتتصل بجسور معلقة تضيف لمسة مغامرة عند التنقل بينها. هذه الإقامات تجذب الأزواج والباحثين عن تجربة تجمع بين الطبيعة والخصوصية والإثارة في آن واحد.

فقاعات النجوم والمساكن الشفافة: رفاهية تحت السماء

فئة أخرى من الإقامات الغريبة بدأت تفرض حضورها بقوة، وتشمل الفنادق الزجاجية أو ما يُعرف بـ"فقاعات النجوم". تنتشر هذه التجارب في أيسلندا وفنلندا حيث تُقام غرف على شكل قبب شفافة تسمح للنزيل بمشاهدة الشفق القطبي من سريره، أو في صحراء المغرب وتونس حيث تُنصب فقاعات وسط الرمال تمنح تجربة أشبه بالمبيت على سطح كوكب آخر. بعض هذه الغرف مزودة بأنظمة تدفئة تلقائية وستائر ذكية للحفاظ على الخصوصية في النهار وتتلاشى ليلًا لتكشف السماء بكل تفاصيلها. حتى في فرنسا وإسبانيا يمكن العثور على هذه الفقاعات في مزارع الكروم والمراعي الخضراء، لتقدم للنزيل عطلة رومانسية هادئة بعيدًا عن الزحام.

في النهاية، لم تعد الإقامة مجرد عنصر ثانوي في الرحلة؛ إنها جزء من الحكاية التي نحملها معنا بعد العودة. سواء كنت من عشاق الحياة البرية أو الباحثين عن لحظة صمت بين الصخور أو من هواة الأحلام المعلقة بين الأشجار، فالعالم اليوم مليء بإقامات لا تُصدق قد تُغيّر نظرتك للسفر بالكامل. يكفي أن تختار التجربة قبل الوجهة، لأن الليلة التي تعيشها في كهف أو فوق غصن قد تبقى في ذاكرتك أكثر من أي مدينة زرتها في حياتك.

اشترك في قناة سائح على واتس آب لجولات حول العالم