اليوم العالمي لأصحاب الهمم 2025: نحو مجتمعات دامجة

  • تاريخ النشر: منذ يومين زمن القراءة: 3 دقائق قراءة آخر تحديث: منذ يومين
اليوم العالمي لأصحاب الهمم 2025: نحو مجتمعات دامجة

يُمثل اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، الذي يُحتفل به في الثالث من ديسمبر من كل عام، مناسبة دولية أعلنتها الأمم المتحدة في عام 1992. هذا اليوم ليس مجرد احتفال، بل هو منصة عالمية حيوية تهدف إلى تعزيز فهم أفضل لقضايا الإعاقة، ودعم الجهود المبذولة لضمان حقوق وكرامة ورفاهية الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع أنحاء العالم. وفي عام 2025، تستمر الدعوات لكسر الحواجز المادية والاجتماعية والثقافية، لضمان مشاركة هذه الفئة الهامة بشكل كامل وفعال في الحياة العامة والتنمية. إن التركيز على بناء مجتمعات دامجة ومستدامة، يحقق فيها الجميع إمكاناتهم، يُعد أمراً أساسياً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، والتأكيد على المبدأ العالمي "لا أحد يتخلف عن الركب".

الإطار القانوني والشمولية في التنمية المستدامة

يعمل اليوم العالمي لأصحاب الهمم كقوة دافعة لتسليط الضوء على أهمية تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD)، التي تُعد إطاراً قانونياً دولياً لضمان حقوقهم الأساسية. وفي سياق التنمية المستدامة، تعتبر شمولية الأشخاص ذوي الإعاقة أمراً محورياً. فمبادئ أجندة 2030 للتنمية المستدامة تشدد على ضرورة أن تكون الأهداف عالمية وشاملة للجميع. ويُشكل اليوم العالمي فرصة لتقييم التقدم المحرز في دمج قضايا الإعاقة في القطاعات التنموية المختلفة، مثل التعليم، والصحة، والتوظيف، والنقل. وفي عام 2025، يزداد التركيز على التكنولوجيا المساعدة والرقمنة كوسائل لتقليل الفجوات وتمكين أصحاب الهمم من الوصول إلى الفرص، خصوصاً في مجالات التعليم عن بعد وسوق العمل الرقمي. إن تمكين هذه الفئة لا يُعد عملاً خيرياً، بل هو استثمار اجتماعي واقتصادي ضروري يساهم في النمو الإجمالي للمجتمع.

كسر الحواجز: من الإتاحة المادية إلى الإتاحة الرقمية

تُعد قضية "الإتاحة" (Accessibility) جوهرية في مناقشات اليوم العالمي، وتتجاوز مجرد توفير منحدرات للكراسي المتحركة. في عام 2025، تتوسع الإتاحة لتشمل الأبعاد المادية والرقمية والمعرفية. الإتاحة المادية تتطلب تخطيطاً حضرياً شاملاً يضمن سهولة الوصول إلى المباني، ووسائل النقل العام، والأماكن العامة. أما الإتاحة الرقمية، فتكتسب أهمية متزايدة، وتطالب بضمان أن تكون المواقع الإلكترونية، وتطبيقات الهواتف الذكية، والمحتوى الرقمي، قابلة للاستخدام من قبل الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر أو السمع أو الإعاقات المعرفية، وذلك بالالتزام بمعايير الوصول العالمي للويب (WCAG). بالإضافة إلى ذلك، يجب معالجة الحواجز المعرفية والاجتماعية المتمثلة في الوصم والتمييز، وتعزيز فهم المجتمع للاحتياجات المتنوعة لأصحاب الهمم، والاعتراف بهم كأفراد منتجين ومساهمين في بناء المجتمع.

التوظيف والفرص الاقتصادية: دمج أصحاب المهارات

من أهم محاور اليوم العالمي هو التركيز على التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة في سوق العمل والحصول على فرص اقتصادية عادلة. تُظهر الإحصائيات أن معدلات البطالة بين هذه الفئة غالباً ما تكون أعلى بكثير من المعدلات العامة، الأمر الذي يُعد هدراً للمواهب البشرية. لذا، تُطلق المبادرات في هذا اليوم لتشجيع الشركات على تبني سياسات توظيف شاملة، وتوفير الترتيبات التيسيرية المعقولة في بيئة العمل، مثل الأدوات التكنولوجية المساعدة وتعديل ساعات العمل. وفي عام 2025، يتجه الاهتمام نحو تعزيز ريادة الأعمال بين الأشخاص ذوي الإعاقة، وتوفير التدريب اللازم والتمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي يديرونها. إن الاعتراف بالمهارات والقدرات الكامنة لدى أصحاب الهمم واستثمارها يساهم في زيادة دخل الفرد، وتقليل الاعتماد على الدعم الاجتماعي، وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي.

في الختام، يمثل اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة في عام 2025 تذكيراً قوياً بمسؤوليتنا الجماعية لبناء عالم أكثر عدلاً وشمولاً. إن التقدم لا يُقاس فقط بالنمو الاقتصادي، بل بالمدى الذي ننجح فيه في دمج جميع أفراد مجتمعنا، بمن فيهم أصحاب الهمم، في كل جانب من جوانب الحياة. وتتطلب هذه الشمولية التزاماً بتطبيق القوانين، والاستثمار في التكنولوجيا المتاحة، والأهم من ذلك، تغيير المواقف الاجتماعية لجعل الإعاقة جزءاً طبيعياً ومتنوعاً من التجربة الإنسانية. يجب أن يكون كل يوم يوماً لتمكينهم، حتى نضمن أن كل مواطن، مهما كانت قدراته، لديه الفرصة للمساهمة في رفاهية المجتمع وتقدمه.

اشترك في قناة سائح على واتس آب لجولات حول العالم