سحر بروفانس في الخريف: قرى هادئة وروائح الطبيعة العتيقة

  • تاريخ النشر: السبت، 18 أكتوبر 2025 زمن القراءة: 3 دقائق قراءة
مقالات ذات صلة
ساوث هامز.. ديفون: جمال الطبيعة وسحر القرى الهادئة
مخيمات الخريف: سحر الطبيعة ودفء المغامرة في الأجواء الباردة
سحر الجزر الخضراء: وجهة هادئة لعشاق الطبيعة

حين يهدأ صخب الصيف وتخفت حرارة الشمس، تدخل منطقة بروفانس في جنوب فرنسا مرحلة مختلفة تمامًا من السحر. قد تكون حقول اللافندر الشهيرة قد حُصدت بالفعل بحلول الخريف، لكن الريف لا يفقد رونقه أبدًا، بل يتحول إلى لوحة من الألوان الدافئة والمشاهد الهادئة التي تناسب من يبحث عن رحلة مريحة يغلب عليها التأمل في الجمال الطبيعي البسيط. مدن مثل آكس أون بروفانس وأفينيون تتحول في هذا الموسم إلى مسارح مفتوحة للتجول ببطء، حيث تصدح النوافير الحجرية بالمياه وسط الساحات، وتغطي الظلال الطرق المرصوفة بالأحجار القديمة، وتنتشر أكشاك المنتجات المحلية في كل زاوية، مانحة الزائر شعورًا بملمَس الحياة الريفية الحقيقي.

القرى الحجرية التي توقف الزمن عند بواباتها

من بين التجارب التي لا ينبغي تفويتها زيارة القرى الصغيرة المنتشرة فوق التلال، مثل جوردس التي تبدو وكأنها محفورة في صخرة واحدة، وشوارعها المتعرجة تكشف في كل منعطف عن شرفة أو إطلالة على وادٍ أخضر. كذلك تستحق قرية روسيّون الزيارة بألوانها الحمراء والصفراء المستخرجة من الطين المحلي، ما يجعلها أشبه بمعرض طبيعي مفتوح. وعند السير في هذه القرى، لا يحتاج المرء إلى خطة مُسبقة؛ فالجمال يتكفل برسم المسار. يمكن دخول ورش الخزافين والحرفيين المحليين، مشاهدة كيف تُصنع الأواني والأقمشة يدويًا، وربما شراء قطعة صغيرة كتذكار يحمل روح المكان. هذا النوع من السياحة الهادئة يعيد إلى الذهن معنى السفر بعيدًا عن صخب المدن الكبرى.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

أسواق المنتجات الطازجة… نكهة الحياة اليومية

أحد أسرار متعة بروفانس يكمن في أسواقها اليومية التي تُقام في الساحات الرئيسية للبلدات. ففي آكس أون بروفانس مثلًا، تمتلئ الساحة المركزية بالألوان والأصوات صباح كل أسبوع، حيث تُعرض الخضروات والفواكه الموسمية بشكل جذاب يدعو للتذوق قبل الشراء. هناك يمكن العثور على الجبن المحلي المصنوع في المزارع، والعسل المستخرج من خلايا منتشرة بين الحقول، وزيت الزيتون الذي يُضغط على البارد ليحافظ على رائحته القوية. كما تُباع الأعشاب العطرية المجففة مثل إكليل الجبل والزعتر، والتي تشكل جزءًا أساسيًا من مطبخ المنطقة. تجربة التسوق في هذه الأسواق ليست مجرد نشاط عملي، بل احتكاك مباشر مع نمط حياة سكان بروفانس الذين يفخرون بأن منتجاتهم تمر من الحقل إلى الطاولة دون وسائط طويلة.

مشاهد طبيعية تلهم الفنانين والباحثين عن الهدوء

الريف المحيط بأفينيون وآكس أون بروفانس يشتهر بمسارات المشي الطويلة وسط بساتين الزيتون وصفوف أشجار السرو التي ترسم خطوطًا هندسية في الأفق. كثيرون يأتون إلى هنا حاملين دفاتر الرسم أو الكاميرات لالتقاط لحظات الغروب التي تلوّن الجبال البعيدة بدرجات برتقالية وذهبية خافتة. بعض المسارات تمر بجانب دير "سيناك" الذي تحيط به الحقول، وتسمح للزائر بالجلوس قليلًا عند الجدران الحجرية السميكة التي شهدت قرونًا من الصمت والتأمل. وفي المناطق القريبة من القنوات المائية، يمكن استئجار دراجات هوائية والانطلاق بين القرى دون الحاجة إلى خارطة، فكل الطرق هنا تؤدي إلى مشاهد تستحق الوقوف عندها.

في نهاية المطاف، لا يحتاج الزائر إلى جدول مزدحم ليستمتع بوقته في بروفانس. يكفي أن يستيقظ مبكرًا، يتناول خبزًا طازجًا من المخبز القريب، ثم يترك للريح أن تختار الاتجاه. فهذه المنطقة لا تُستكشف بالسرعة، بل تُعاش ببطء يشبه نبضها الطبيعي. إنها وجهة مثالية لكل من يريد أن يعود إلى ذاته عبر الطبيعة، بعيدًا عن الضجيج، وفي حضرة حجر قديم وشجرة زيتون لا تزال صامدة منذ مئات السنين.