آداب التعامل حول العالم: إتيكيت الشعوب وثقافاتها

  • تاريخ النشر: الأربعاء، 22 أكتوبر 2025 زمن القراءة: 3 دقائق قراءة
آداب التعامل حول العالم: إتيكيت الشعوب وثقافاتها

تختلف طرق التواصل والتصرف المقبولة من مجتمع إلى آخر، فالابتسامة التي تُعد في بلد ما دليلاً على الود قد تُفهم في بلد آخر على أنها تصرف غير مناسب أو حتى استهزاء. هنا تأتي أهمية فهم الإتيكيت، ليس كمجموعة من القواعد الجامدة، بل كلغة غير منطوقة تعبّر عن الاحترام وتمنح صاحبها قبولًا في أي بيئة جديدة. ومع ازدياد السفر والتواصل العالمي، لم يعد الإلمام بعادات الآخرين رفاهية بل ضرورة، سواء كنت مسافرًا للسياحة أو العمل أو حتى للدراسة. فهمك البسيط لكيفية المصافحة، أو طريقة تقديم الهدية، أو أسلوب الجلوس والمخاطبة، يمكن أن يفتح لك الأبواب ويجنبك مواقف محرجة دون قصد.

آداب التحية والمصافحة حول العالم

من أولى اللحظات التي تُظهر مدى احترامك للثقافة المحلية هي التحية، فبينما يفضل الأوروبيون والأمريكيون المصافحة القوية والنظر المباشر في العين كإشارة ثقة، تعتبر بعض الشعوب الآسيوية مثل اليابان أن الانحناءة هي الشكل الأرقى للتحية، وأن التلامس الجسدي المبالغ فيه قد يعد تعديًا على المساحة الشخصية. في الهند وتايلاند، تُوضع اليدان معًا على هيئة صلاة مع انحناءة خفيفة، بينما في العالم العربي تختلف التحية حسب القرب من الشخص، فقد تكون مصافحة بسيطة أو عناقًا وتبادلاً للقبلات على الخد بين الأصدقاء والمقربين. لذلك من الأفضل دائمًا مراقبة ما يفعله الآخرون قبل اتخاذ المبادرة.

الطعام والمائدة.. أصول مختلفة لنفترضها قاعدة موحدة

تناول الطعام جانب حساس من الإتيكيت، فبعض التفاصيل الصغيرة قد تُعتبر احترامًا أو إساءة دون أن تدري. ففي الصين وكوريا، من غير اللائق أن تغرس عيدان الطعام في الأرز بشكل عمودي لأنه يشبه طقوس الجنائز، بينما يُفضل عدم قلب السمكة على الطبق حتى لا يُفهم أنك تتمنى انقلاب قارب الصياد. في إثيوبيا والمغرب وبعض الدول الأفريقية، يُعد الأكل باليد اليمنى فقط علامة على النظافة والاحترام، أما مشاركة الطبق نفسه بين الجميع فهي جزء من دفء الضيافة. على الجانب الآخر، في الغرب يُراعى استخدام أدوات الطعام بترتيب معين من الخارج إلى الداخل، بينما يعتبر التجشؤ بعد الأكل في بعض القرى الصينية علامة على الاستمتاع بالطعام وليس قلة تهذيب كما يُظن في العالم العربي.

الهدايا والحديث.. ما بين المجاملة واللباقة

حتى أبسط الإيماءات كإحضار هدية قد تحمل معاني مختلفة، ففي اليابان يعتبر تغليف الهدية أهم من محتواها، ويُفضل تسليمها بكلتا اليدين مع انحناءة، بينما في روسيا لا يجب تقديم باقة ورد تحتوي على عدد زوجي من الزهور لأن ذلك يُستخدم فقط في الجنازات. أما في بعض الدول العربية، فرفض الهدية في البداية يُعد نوعًا من التواضع ويُتوقع منك الإصرار، بينما الرفض المباشر قد يُعتبر وقاحة في ثقافات أخرى. أما الحديث، فبينما يعتبر السؤال عن العمر أو الدخل الشخصي أمرًا عاديًا في بعض المجتمعات الشرقية، فإن مثل هذه الأسئلة تُعد تجاوزًا للخصوصية في الغرب. كذلك يُفضل عدم التحدث بصوت مرتفع في اليابان وقطارات أوروبا، في حين أن رفع الصوت أحيانًا في الدول العربية أو المتوسطية قد يُفهم على أنه حماس وليس غضبًا.

في نهاية المطاف، الإتيكيت الحقيقي لا يُقاس بعدد القواعد التي تحفظها، بل بقدرتك على احترام الآخر حتى وإن اختلف عنك. فالتصرف اللبق هو جسر يبنى بلا لغة، ووعيُك بالفروق الثقافية يجعل رحلتك أكثر اتساعًا وإنسانية. وكلما كنت مرنًا ومراقبًا جيدًا، كلما أصبحت ضيفًا مرحبًا به في أي مكان تزوره حول العالم.

اشترك في قناة سائح على واتس آب لجولات حول العالم