أشكال تشبه العنكبوت على كوكب المريخ: ما تفسير ذلك؟

  • تاريخ النشر: الأربعاء، 24 مارس 2021
أشكال تشبه العنكبوت على كوكب المريخ: ما تفسير ذلك؟

في أحواض توجد فقط في المناطق القطبية الجنوبية من كوكب المريخ، اكتشف العلماء أنظمة تشبه شكل العنكبوت يُطلق عليها اسم "araneiforms"، ونظراً لعدم وجود مثل هذه الأحواض على كوكب الأرض، فمن الصعب فهم ما الذي يخلق تلك الأنظمة العنكبوتية.

لكن هذا الكشف يُعد أول دليل مادي يحصل عليه العلماء، يدعم النموذج الأكثر شيوعاً والمعروف باسم فرضية "Kieffer"، والتي تقول إن الأشكال الشبيهة بالعنكبوت تتكون من خلال التسامي المباشر لثاني أكسيد الكربون المجمد "CO2".

المشهد القطبي على المريخ

تقول عالمة الكواكب لورين ماكيون، التي كانت تعمل في كلية ترينيتي في دبلن في أيرلندا والآن في الجامعة المفتوحة: "هذا البحث يقدم المجموعة الأولى من الأدلة التجريبية لعملية سطحية يُعتقد أنها تعدل المشهد القطبي على المريخ".

وتضيف: "تم قبول فرضية Kieffer منذ أكثر من عقد من الزمان، لكنها حتى الآن موضوعة في إطار نظري بحت. ومؤخراً، أظهرت التجارب بشكل مباشر أن أنماط العنكبوت التي نلاحظها على المريخ من المدار، يمكن نحتها من خلال التحويل المباشر للجليد الجاف من الحالة الصلبة إلى الحالة الغازية." بحسب موقع RT بالعربي نقلاً عن مجلة ساينس آلرت.

الأرض والمريخ: تشابه واختلاف

يُعتبر ميل المريخ المحوري قريباً للغاية من الأرض، وهذا يعني أن التغيرات الموسمية في درجات الحرارة تشبه إلى حد كبير تغيرات الأرض أيضاً.

لكن يجب الأخذ في الاعتبار أن طول السنة وبالتالي الفصول أطول مرتين على سطح المريخ منها على كوكب الأرض، وهذا يعني حدوث انخفاض كبير في درجات الحرارة خلال فصلي الخريف والشتاء وارتفاعاً مرة أخرى خلال فصلي الربيع والصيف على الكوكب الأحمر.

ومن زواية أخرى، يختلف الغلاف الجوي للمريخ بشكل كبير عنه للأرض، إنه أرق كثيراً ويتكون في الغالب من ثاني أكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 95%.

هذا بالإضافة إلى أن الكوكب الأحمر أبعد كثيراً من الأرض عن الشمس، لذلك فإنه أكثر برودة، وعندما يحل فصل الشتاء يتجمد ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي على سطح الكوكب خاصة عند خطوط العرض العليا.

فرضية "Kieffer" وتفسير تشكل أنماط العنكبوت

في عامي 2006 و2007، اقترح عالم الجيوفيزياء هيو كيفر وزملائه، فرضية تقول إنه في فصل الربيع "يتسامى ثاني أكسيد الكربون المجمد"، أي يتحول من الحالة الصلبة "الجليد" إلى الحالة الغازية، دون خطوة الانصهار "الحالة السائلة" بينهما، محاصراً تحت ألواح نصف شفافة من الجليد السطحي.

وعندما يسخن الغاز ويتمدد يتراكم الضغط حتى تشقق اللوح، ما يخلق فتحة تهوية للغاز للهروب، وأثناء تدفقه نحو الفتحة يشكل الغاز نظام من القنوات يشبه العنكبوت على سطح المريخ، ويحمل معه المواد المحفورة.

ويخرج الغاز والمواد المحفورة معاً على شكل موجة عالية السرعة، وعندما تذوب قطعة الجليد الموجودة في الأعلى أخيراً، لا يتبقى إلى شكل العنكبوت araneiform.

اكتشف العلماء أنماطاً تشبه أشكال العنكبوت على كوكب المريخ

تجارب معملية لإثبات فرضية Kieffer

لاحظ كيفر أن هذه العملية الافتراضية لا تشبه أي شيء لوحظ على كوكب الأرض، كما أنه لم يتم ملاحظته مطلقاً على كوكب المريخ، حيث تم رصد تلك الأشكال الشاذة  فقط على الصور الملتقطة بالأقمار الصناعية، ومن هنا كان لا بد من إجراء تجربة تحاكي العملية المشار إليها في بيئة معملية.

واستفادت ماكيون وفريقها من ظاهرة يمكنك ملاحظتها في مطبخك، تُسمى "تأثير لايدنفروست"، فإذا وضعت قطرة ماء على سطح أكثر سخونة من نقطة تبخر المياه، فإن القطرة سترتفع، ولهذا السبب نجد قطرات المياه في مقلاة شديدة السخونة تتراقص مثل الزئبق.

ولإجراء التجربة، أعد العلماء غرفة خاصة ذات ضغط منخفض تحاكي الغلاف الجوي للمريخ، ووضعوا فيها لوحاً من جليد ثاني أكسيد الكربون مع ثقب واحد حفر من خلاله على سطح مغطى بحبيبات صغيرة من الزجاج تحاكي الأوساخ أو الثرى.

وعندما لامس الجليد السطح بدأ في التسامي، حيث شوهد على شكل غاز يهرب من الحفرة، وبمجرد أن رفع الفريق الجليد، وجدوا نظاماً يشبه العنكبوت محفوراً في الرمل الزجاجي حيث تدفق الغاز عبره للهروب من الحفرة.

وفي الواقع، كانت العملية قوية للغاية، حيث تم إلقاء المواد في جميع أنحاء الغرفة، ما يشير إلى أن معدلات التسامي على المريخ يمكن أن تكون أعلى من تلك الموجودة على الأرض.

وكرر الفريق التجربة مع حبيبات مختلفة الأحجام لملاحظة كيف يؤثر قوام الثرى المختلفة على النتيجة، ووجدوا أنه كلما كان حجم الحبيبات أدق، زاد تشعب النمط.

وتُعد هذه التجرب هي المرة الأولى التي يثبت فيها العلماء بالفعل أن عملية Kieffer المفترضة يمكن أن تحدث بالفعل، وبإمكانها تفسير بعض الأشكال الموجودة على المريخ.

ومع ذلك فإن النتائج تشير إلى أن العمليات الجيومورفولوجية على المريخ لا تزال تحمل بعض الأسرار، كما أن تسامي ثاني أكسيد الكربون قد يكون تفسيراً لسمات سطح غريبة أخرى على الكوكب الأحمر.

ويود الفريق أن تساعد دراسة الأشكال المائية على مدار سنوات عديدة على كوكب المريخ، في إلقاء المزيد من الضوء على العمليات الموسمية الرائعة للكوكب.

على سائح، تابع معنا كل اخبار السفر حول العالم وأبرز نصائح السفر وما يتعلق بالفن والثقافة.

اشترك في قناة سائح على واتس آب لجولات حول العالم