حكاية مسجد عمرو بن العاص: جامع شاهد على تاريخ القاهرة

  • تاريخ النشر: الخميس، 08 أكتوبر 2020 آخر تحديث: الأحد، 20 ديسمبر 2020
حكاية مسجد عمرو بن العاص: جامع شاهد على تاريخ القاهرة

بعدما وقعت الإسكندرية آخر حصون الروم وعاصمتهم في يد عمرو بن العاص عام 21 هجرياً و 641 ميلادياً، أمر بتشييد مسجداً في مدينة الفسطاط، عاصمة مصر التي أسسها المسلمون بعد فتحها.

وسُمي المسجد بمسجد عمرو بن العاص وكان له أسماء أخرى، كمسجد الفتح والمسجد العتيق وتاج الجوامع، ليكون أول مسجد بُني في القاهرة وأول جامعة إسلامية في مصر، حيث كان يتم فيه تعليم العلوم الإسلامية وعلوم اللغة العربية.

تصميم مسجد عمرو بن العاص

وكان الموقع الذي اختاره عمرو بن العاص لبناء هذا الجامع في ذلك الوقت يطل على نهر النيل، أما عن التخطيط المعماري الأصلي للبناء، فكان عبارة عن مساحة مستطيلة طولها نحو 45 متراً وعرضها نحو 27 متراً، وقد أحيط الجامع من جهاته الأربع بأروقة ذات أسقف خشبية بسيطة، وأكبر هذه الأروقة هو رواق القبلة.

ولم يكن للمسجد صحن ولا محراب مجوف ولا مئذنة فقد كان له فقط منبراً، وقد بُنيت جدران الجامع الخارجية من الطوب اللبن وكانت خالية من الزخارف، وكذلك كانت الأرضية مغطاة بالحصى.

أما ارتفاع الجامع من الداخل، فمن المرجح أنه كان حوالي 3 أمتار مثل المسجد النبوي.

توسعات المسجد عبر العصور

وقد أجريت العديد من الإضافات والتوسعات على جامع عمرو بن العاص خلال عصور إسلامية مختلفة وحتى عصرنا الحالي، لكن أهمها تم إجراؤها من قبل الحاكم عبد الله بن طاهر في عهد الخليفة المأمون في القرن التاسع، حيث أجرى توسعة المسجد مضيفاً منطقة جديدة في الجانب الجنوبي الغربي، ليكون هذا الامتداء هو الامتداد الأخير للمسجد حتى الآن.

المسجد في العصر الفاطمي

وفي نهاية العصر الفاطمي، حاول وزير الخليفة العاضض التصدي لغزو الصليبيين ومنعهم من احتلال الفسطاط عن طريق إشعال النيران بمختلف أنحاء المدينة، حيث استمر الحريق مدة 54 يوماً ونتج عن ذلك تدمير المسجد.

وبعدما تصدى صلاح الدين الأيوبي للحملات الصليبية، أعاد بناء الفسطاط ورمم المسجد من جديد، وذلك عام 1170م.

المسجد في عصر المماليك

وفي عام 1796، هدم مراد بك المسجد وإعاد بناءه، كما أنه صنع أربعة ألواح لا تزال موجودة حتى الآن، تحمل أبيات شعرية تمدح إنجازاته وتؤرخها، وتم تثبيت إحدى هذه الألواح على جدار القبلة يسار المحراب.

ضريح مسجد عمرو بن العاص

ويوجد في المسجد ضريح، ربما يخص عبدالله بن عمرو بن العاص، ولكن لا يستطيع بعض المؤرخين تأكيد ذلك.

جامع وجامعة ومحكمة

وقد شهد جامع عمرو بن العاص حركة علمية واسعة النطاق عبر تاريخه الطويل، ومن المعروف أنه كان أسبق الجوامع في مصر إلى عقد حلقات الدراسة الدينية وعلوم اللغة والمذاهب الفقهية، وكانت تستخدم ساحته أيضاً كمحكمة قانونية، حيث عُقد فيها العديد من المحاكمات عبر الزمان.

من علماء ساحة مسجد عمرو بن العاص

أما عن أهم الأئمة ومشائخ هذا الجامع العتيق، فيأتي على رأسهم الإمام الشافعي، وصاحب السيرة عبد الملك بن هشام، وغيرهم من أئمة وشيوخ.