في الصين: اطلب وجبة تناسب حجم معدتك فقط بموجب هذا القانون

أصدر المشرعون في الصين قانوناً يهدف إلى مكافحة هدر الطعام ويفرض غرامات على المخالفين

  • تاريخ النشر: الأحد، 16 مايو 2021
في الصين: اطلب وجبة تناسب حجم معدتك فقط بموجب هذا القانون

إذا كنت في الصين، فلم يعد بإمكانك طلب وجبة في أحد المطاعم تزيد عن احتياجك، أو ترك كمية كبيرة من بقايا الطعام ورائك، وذلك بعد إقرار قانون جديد يهدف إلى مكافحة هدر الطعام، ويسمح بفرض الغرامات على المطاعم أو وسائل الإعلام التي تروج لتناول الطعام بنهم.

ويعتبر هذا القانون جزءاً من حملة لمكافحة هدر الطعام، اجتاحت البلاد بعدما أعلن الرئيس الصيني، شي جين بينج، في أغسطس الماضي، تبنيه القضية بنفسه، واصفاً كمية الطعام المهدرة بـ"الصادمة"، وقائلاً إن الهدر مخجل فيما امتدح التقشف.

قانون مكافحة هدر الطعام في الصين

وصادق المشرعون في الصين، بتاريخ 29 أبريل/ نيسان الماضي، على قانون جديد يهدف إلى منع هدر الطعام، من خلال فرض غرامات على المطاعم تصل إلى 10 آلاف يوان صيني، بما يعادل 1545 دولاراً، في حالة تضليل المستهلكين ودفعهم لطلب كميات مفرطة من الطعام يترتب عليها هدره.

كما يُغرم القانون المحطات التليفزيونية وشركات الإعلام عبر الإنترنت، ما يصل إلى 100 ألف يوان صيني، بما يعادل 16 ألف دولار، إذا تم ضبطهم وهم يصنعون أو يعرضون مقاطع فيديو تحث على تناول الطعام بنهم أو شراء أطباق باهظة الثمن.

واشترط القانون أيضاً على منظمي الحفلات والولائم، طلب الكميات المناسبة من الطعام.

وأوضحت شبكة تليفزيون الصين الدولية "CGTN"، إن القانون الجديد جاء كرد فعل على الكميات المتزايدة من الطعام التي ينتهي بها الحال إلى القمامة، موضحة أن قطاع خدمات المطاعم وحده، يهدر حوالي 35 مليون طن من الطعام سنوياً.

برامج محلية في الصين للحد من هدر الطعام

إلى جانب القانون، أطلقت السلطات المحلية برامج للحد من هدر الطعام وتنفيذ أوامر الرئيس، فتم إرسال المسؤولين للتحقق من نفايات المطاعم، كما روجت مجموعات صناعة الطهي لما يُسمى بوجبات "N-1"، بما يعني أن عدد الأطباق يجب أن يكون أقل من عدد الضيوف.

وتعهدت بعض المطاعم بتقديم خيارات طعام محدودة الكمية للزبائن، ووضع أحد المطاعم في وسط مدينة "تشانغشا" ميزاناً عند المدخل، داعياً الزبائن إلى وزن أنفسهم قبل طلب الطعام؛ لتحديد الكمية المناسبة لهم.

كما أزال المراقبون مقاطع الفيديو الشائعة التي تستعرض تناول الطعام بنهم، من مواقع الفيديو القصيرة مثل: Douyin، النسخة الصينية من TikTok.

ما علاقة كوفيد-19 بأزمة هدر الطعام

في الواقع لا تواجه الصين نقصاً وشيكاً في الغذاء، لكن الرئيس تشي، قال عند إطلاق حملته ضد هدر الطعام، إن الاضطراب الاقتصادي الناجم عن جائحة كوفيد-19 كان بمثابة دعوة للاستيقاظ تحتاجها البلاد لتأمين إمداداتها الغذائية.

وكان برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، أكد أن اضطرابات سلسلة التوريد أثناء الوباء تدفع بعشرات الملايين من الناس إلى حافة المجاعة.

كيف يُطبق قانون مكافحة هدر الطعام على الأفراد؟

حتى الآن، ليس من الواضح كيف سيفرض المنظمون القاعدة على الطلبات الفردية، فالقانون الجديد لا ينص على غرامة للمخالفين من الأفراد، كما أنه من الشائع في الصين أن يطلب المضيّفون طعاماً أكثر من اللازم خاصة في التجمعات العائلية أو التجارية؛ لإثبات الثروة وكرم الضيافة.

قانون مكافحة هدر الطعام يدخل حيز التنفيذ

وبالفعل دخل قانون مكافحة هدر الطعام حيز التنفيذ بعد إقراره مباشرة، وأصدر المنظمون في مدينة نانجينغ الشرقية، أول تحذير لمخبز كان يتخلص من المعجنات التي لا تبدو لطيفة أو لا يمكن بيعها في نفس اليوم الذي صُنعت فيه.

وذكرت إحدى الصحف المحلية في الصين، أن صاحب المخبز تعهد بالتبرع ببقايا الطعام أو تحويلها إلى عينات مجانية للعملاء.

كما علقت الحكومة مسابقة شعبية، طلبت من المشاهدين شراء منتجات الألبان لدعم المتسابقين المفضلين لديهم، وبحسب ما رود تم سكب بعض المشروبات في البلوعات.

ولا يزال مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، يتساءلون عما إذا كانت حملة الحكومة الصينية ضد هدر الطعام تتجاوز الحدود وتنتهك حرية الناس في أبسط أشكال المتعة، أم أنها تضبط استخدام الأغذية تجنباً لمواجهة أزمات مستقبلية؟

أزمة هدر الطعام حول العالم

ومؤخراً، كشف برنامج الأمم المتحدة للبيئة، عن نتائج دراسة أجراها بشأن أزمة هدر الطعام حول العالم، والتي خلّفت ورائها أزمات اقتصادية واجتماعية وبيئية خطيرة وضعت كوكب الأرض في خطر التغيرات المناخية.

ولفتت الدراسة إلى أن نحو 930 مليون طن من الأطعمة أهدرها سكان الكوكب في عام 2019 فقط، وأن قيمة هذه الأطعمة تبلغ حوالي تريليون دولار، في الوقت الذي يعاني فيه نحو 800 مليون شخص حول العالم من الفقر المدقع.

ويمكن تعريف هدر الطعام بأنه الطعام الذي يتم التخلص منه أو فقدانه دون تناوله لعدة أسباب وخلال عدة مراحل هي: الإنتاج، المعالجة، تجارة التجزئة والاستهلاك.

وأظهرت دراسة الأمم المتحدة، أن الأسر تتخلص من 11% من المواد الغذائية في مرحلة الاستهلاك، بينما تهدر المطاعم 5% وتهدر منافذ التجزئة 2%.

وعن الأضرار البيئية، فإن الهدر الغذائي يتسبب في 8 إلى 10% من انبعاثات الكربون على كوكب الأرض، ليكون المصدر الثالث عالمياً لانبعاثات الكربون بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين.

ومن جهة أخرى، لفتت الدراسة أن إنتاج الغذاء يستهلك 30% من الطاقة الكهربائية في العالم، وهو ما يتسبب بشكل آخر في انبعاثات الكربون.

كما يتعلق الاستهلاك المفرط للطعام بمجموعة أخرى من مخاطر التغير البيئي، وفي مقدمتها الاستخدام الجائر للأراضي الزراعية المؤدي إلى إحلال التربة وانخفاض خصوبتها، والاستهلاك غير الرشيد للمياه العذبة، الأمر الذي يعمق أزمة الشح المائي التي يعاني منها العالم بالأساس.

إضافة إلى ذلك، فإن الإفراط في صيد الأسماك وتدهور البيئة البحرية من المشكلات البيئية الأخرى المرتبطة بإنتاج الأغذية.