غرائب طقوس الكرم عند بعض الشعوب

  • تاريخ النشر: السبت، 17 أبريل 2021 آخر تحديث: الأحد، 06 نوفمبر 2022

 تختلف الطقوس والعادات التي تدل على الكرم والسخاء بين شعوب الأرض فبعض الشعوب تتميز بشدة كرمها وعطائها مثل القبائل العربية وغينيا والتبت واليابان واليونانيون وبعضها الأخر يتصف بقلة الكرم مثل أوروبا وألمانيا. فعلى سبيل المثال لا يعتبر الشعب الألماني من الشعوب الكريمة والمضيفة ومن النادر أن يقوم صديقك الألماني بعزومتك، نعم تراه يحترمك ويضحك في وجهك ويضحك معك بل ويكون صديقك ولكنه يتجاهلك في الأمور المادية والحال كذلك مع أفراد أسرته، فإذا ذهبت مع صديقك الألماني إلى مطعم فعند الانتهاء من الطعام يقوم بدفع حسابة فقط ولا يسألك عما إذا كان معك نقودٌ أم لا ونفس الحال كذلك مع الألماني وصديقته الألمانية، على عكس العرب تماماً فترى النزاع ينشأ بين الأصدقاء لأن كل منهم يريد أن يدفع للأخر.

طقوس الكرم عند البدو

الضيافة عند البدو أمر عظيم لا يفوقها أي أمر آخر. وإكرام الضيف هي الصفة الملازمة لأهل البادية، وهي أحد أركان عاداتهم وتقاليدهم التي توارثوها. فللضيف مكانة عظيمة في نفس البدو لا يتوانون في تقديم له حقه من الضيافة، وذلك متى ما دخل في مضاربهم وحل في حماهم. ولا شك أن كرم الضيافة طبع أصيل تميز به العرب عن غيرهم من باقي الأمم. فالضيف عند البدو هو الشخص الذي إذا وفد إلى موضع غير موضعه أو الجماعة إذا حلت عند جماعة أخرى ويسمون "فريق أو قصراء". ويقدم للضيف حق الضيافة حتى لو كان عدواً ما دام أنه نزل أو دخل بيت مضيفه لأن من دخل البيت فقد أمن على نفسه وخاصة إذا تناول طعاماً أو شراباً فيصبح في مأمن ولو كان في وكر عدوه، فالضيف متى قدم على صاحب البيت يستقبل بالحفاوة والترحيب. وفي ذلك قالت البدو في الضيف "إذا أقبل أمير وإذا جلس أسير وإذا قام شاعر". ومعنى ذلك أنه يجب على المضيف أن يستقبل ضيفه بالحفاوة اللازمة والترحيب الحار على قدومه وإظهار الوجه البشوش والفرح لضيفه وهو يتساوى في ذلك بمنزلة الأمراء. وإذا جلس أسير، أي أسير لمعازيبه أصحاب البيت لا يستطيع أن يعمل أي شيء إلا بإذنهم فلا يخرج إلا عند سماحهم له ولا يستطيع أن يمنعهم في تأديتهم الواجب له من كرم الضيافة. وإذا قام شاعر، أي عند ذهابه سيذكر أصحاب البيت بما قدموا له من إكرام وتقدير أو العكس.

واقترن الكرم بالقهوة التي تكون أول ما يقدم للضيف والتي يقوم بإعدادها صاحب البيت. ويقدم له الطعام ساعة حضوره حتى لو كان في وقت متأخر. وهي عادة جرت في البادية ويسمى هذا الطعام (القرى) وهو من الطعام الموجود في تلك الساعة. وفي الوجبة التالية يتم عمل وليمة يدعى لها الجيران. والبدوي مهما بالغ في إكرام ضيفه في الطعام والشراب فإنه يعتذر عن التقصير حتى لو لم يكن هناك تقصير. فكثيراً ما يتردد على ألسنتهم عند تقديم الطعام في الوليمة وغيرها مقولة "اعذرنا عن القصور". والاعتذار من مكملات آداب الضيافة حتى لا يقع الحرج في النفوس من الطرفين. ومن القواعد السلوكية المتبعة في تقديم الطعام من وليمة أو غيرها أنً يقدم الضيف إلى المائدة ومعه كبار السن ولا يبدؤون بالأكل إلا بعد السماح لهم بذلك من المضيف (المعزب) بقوله سمّو (أي قولوا بسم الله) مع كلمات الترحيب بالضيف والحضور. وهناك عدة أمور يجب التنبه لها من قبل الضيف ومن معه على الطعام وهي مواضع انتقاد وتدخل في الأمور المعابة أو العيب وهي: إذا تناول الطعام قبل الضيف، إذا أشرك يده اليسرى بالطعام، إذا الشخص تعرّق (عرش) العظم أمام المحيطين به، إذا مسح يده في طرف الصحن، إذا أعاد ما تناوله من الصحن إلى الصحن، إذا تناول الطعام من أمام غيره، إذا نهض قبل نهوض الضيف طلباً في مزيدٍ من الطعام.

فكل ما سبق مواضع نقد عند أهل البادية ولا يزال معمولاً بها حتى الوقت الحالي.

ويعرّف البدو صاحب البيت الكريم بعدة علامات يستدلون فيها على كرمه ومنها:

  • كثرة العظام حول البيت وهو دليل على كرم صاحبه ويقال "دار الكرام ما تخلى من العظام".
  • الدهن على الرفة. والرفة هي نهاية الشقاق والشقاق هو طرف بيت الشَعَر فمن عادات البدو مسح أياديهم بالرفة بعد الأكل.
  • كثرة الجواعد المفروشة. والجواعد هي الجلود التي تصنعها البدويات من جلود الذبائح بعد وضع الملح عليها لتجف رطوبتها. فكثرتها عند البيت دليل على كرم أصحابه.

ومن آداب الضيافة البدوية أن يُحدّث المضيف ضيوفه بما تميل إليه نفوسهم من خلال ما يستشف من خواطرهم. ومن اللطف ألا يشكو الزمن والفقر ولا حتى المرض أمامهم لأن في ذلك موقعاً غير محمود في نفوس الضيوف.

ومن الأدب ألا ينعس ولا يتثاءب أمامهم، وعليه ألا يرفع صوته بغضب في أثناء وجود الضيوف على أحد أفراد البيت.

قول "يالله حَيّه" إعتدناها عند تقديم الشراب والطعام للضيف، وقول هذه الجملة التي تدل على مدى السرور والفرح بقدوم الضيف وهي تمتد إلى مئات السنين.

طقوس الكرم عند القبائل السعودية

أما عند بعض القبائل السعودية هناك قبائل تقدم الطعام لضيفها بطرق غريبة، حيث تقدم الدعوة إلى جميع الأقارب والأرحام عند قدوم الضيف، وبعد أن تقدم الطعام له يمتنع الجميع عن الورود معه بغرض تركه وحيدًا ليأكل بكل أريحية، وذلك ظنًا منهم أن مشاركتهم له ستسبب له الإحراج والإزعاج، بينما هناك أفراد من قبائل أخرى يذبحون الخراف باستمرار في الغداء والعشاء وتقدمها للضيف طيلة بقائه في منزل أحدهم كما جرت عليها العادة منذ القدم، في حين أن هناك قبيلة أخرى تسكب السمن البلدي الطازج على يد الضيف عندما يتقدم لأكل طعامه، وذلك نوع من الكرم والجود المتأصل لديها.

وبحسب صحيفة (مكة) يقول المهتم والباحث في تاريخ القبائل عبدالله العتيبي: "ما زالت بعض القبائل تنساق خلف بعض العادات والتقاليد في الوقت الحالي كنوع من أنواع التميز والاحترام والكرم، حيث جرت العادة عند البعض من القبائل على تقديم وليمة للضيف عبارة عن خروف، فتمنع القبيلة الضيف من أكل عين الخروف أو نقرها من مكانها، ففي حال ورد الضيف على المأدبة وأكل ما امتنع عنه، فهي تعد كإيماءة أو شيفرة لتعييب الطعام إما من ناحية نوع الذبيحة أو نوع الطبخ، والتي تعني أنه يجب على المضيف ذبح خروف آخر لإرضاء الضيف، بل إن البعض منهم يطلب العذر من ضيفه بسبب ما قدم له".

طقوس الكرم عند القبائل العراقية

في الأنبار العراقية، تعد عملية البحث عن فندق أمرا عبثيا، فعشائر المحافظة التي تعتبر الضيافة خطا أحمر متمسكة بمنع بناء أي فندق أو مكان يبيت فيه ضيفهم بمقابل. ففي تلك المنطقة التي تعد من أكبر محافظات العراق من حيث المساحة، تعتبر العشائر أنه من المعيب أن يبيت ضيفهم في فندق بمقابل مادي، وبيوتهم مفتوحة لاستقباله وإكرامه.

ففي القديم كان الرجال بعد الانتهاء من الطعام يمسحون أيديهم بالرفة والرفة هي نهاية الشقاق والشقاق هو طرف بيت الشعر فيكون قريبا من أيديهم فيمسحون به فلم يكن هنالك صابون ولا بشاكير ولا فاين وأيضا كانت الجواعد في البيت دليل على كرم أصحابها اذاً فالبدوي مرتبط ارتباط كلي بالكرم .

طقوس الكرم عند اليونانيين

إن أغرب طريقة لكرم الضيافة هي تكسير ٢٠٠٠ صحن يوميا في مطعم يوناني بدبي إنه مطعم (أوبا) اليوناني في دبي أثبت أن تكسير الأطباق طقس من طقوس رواد المطعم أو نوع من أنواع كرم الضيافة. ويعكس (أوبا) كرم الضيافة اليونانية، حيث يحرص فريق العمل على استقبال الضيوف بحفاوة بمجرد أن تطأ أقدامهم عتبة المطعم، قبل أن يصاحبهم إلى حديقة رائعة الجمال وممرّ مميز يقود إلى مساحة مذهلة لتناول الطعام، ويتّسم (أوبا) بديكور استثنائي مستوحى من عالم البحار ليوفّر أجواءً من الهدوء والسكينة بعيداً عن صخب المدينة وضوضائها، كما تتخلّله استراحة أنيقة على طول جانب من جوانب المطعم. مطعم "أوبا" اليوناني في دبي أثبت أن تكسير الأطباق طقس من طقوس رواد المطعم أو نوع من أنواع كرم الضيافة.

طقوس الكرم عند الأسكيمو

يتميز شعب الأسكيمو بكرم الضيافة وحب الضيف، ومن عادات شعب الأسكيمو أن الرجل إذا تناول الطعام أطلق صوتاً للمضغ للدلالة على المذاق الشهي واستساغته لطعام المضيفين.

طقوس الكرم في غينيا

أما في غينيا فيطلق المضيفون تأوهات ويمرغون وجوههم بالطين عند توديع الضيف في موقف يظهرون خلاله مدى حزنهم واستيائهم لمفارقة ضيفهم الذي أقام عندهم فترة من الزمن وتناول طعامهم.

طقوس الكرم في التبت

أما في التبت في آسيا الوسطى فتقضي المجاملة وحسن السلوك مد اللسان عند مغادرة الضيف وهذه من أغرب العادات عند الشعوب فهم يقصدون بذلك تقديرهم لزيارة الضيف وإعجابهم بحديثه.

طقوس الكرم عند اليابانيين

أما اليابانيون فلهم تقاليد وآداب خاصة تراعى قبل وأثناء تناول الطعام، فلكل فرد في الأسرة مكاناً محدداً حول المائدة حسب مكانته ولا يجوز تغييره أبداً ويعطى الضيف دائماً المكان الأفضل ويقدم الطعام لأفراد الأسرة والضيوف حسب تسلسل يتفق مع مكانة كل منهم، وتقدم الأسرة اليابانية ألوان الطعام وفق نظام لا يتغير، وأي خطأ يرتكب حول ما تقدم يسبب إرباكاً لجميع أفراد الأسرة وينظر إلى مرتكبه وكأنه اقترف ذنباً لا يغتفر، ويتم تناول الطعام حول منضدة خشبية مستطيلة أو دائرية قليلة الارتفاع يجلس حولها أهل المنزل وضيوفهم.