أنشودة المهابة: كيف أحيا المصريون لغة أجدادهم في حفل موكب المومياوات؟

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 06 أبريل 2021
أنشودة المهابة: كيف أحيا المصريون لغة أجدادهم في حفل موكب المومياوات؟

لا تزال المقطوعة الفرعونية التي أنشدتها السوبرانو أميرة سالم، خلال حفل "موكب المومياوات الملكية" في مصر، تثير اهتمام متابعي الحدث حول العالم وتأثر ألبابهم، فكثير منهم يبحث عن كلمات الأنشودة ومعانيها وأصلها التاريخي.

واختار القائمين على تنظيم الحفل مقطوعة من "ترانيم المهابة لإيزيس" التي سجلها المصريون القدماء على أحد معابد الأقصر، وحولوها إلى اللغة القبطية، آخر أشكال اللغة الفرعونية المنطوقة، وعمل عليها فريق ضخم لتظهر بالصورة المبهرة التي لفتت أنظار العالم.

ترانيم المهابة لإيزيس

يقول الأستاذ بكلية الآثار جامعة القاهرة، الدكتور ميسرة عبدالله حسنين، إن الإنشودة التي شهدها حفل موكب المومياوات الملكية، عبارة عن مقتطفات من افتتاحية "ترنيمة مهابة إيزيس"، وهي موجودة على أبواب معبد دير الشلويط من العصر البطلمي في البر الغربي في محافظة الأقصر، وهي المنطقة نفسها التي شهدت اكتشاف المومياوات الملكية فيها نهاية القرن الـ 19.

وأضاف أستاذ الآثار الذي أشرف على ترجمة كلمات الأنشودة وتحويلها إلى حروف عربية تُسهل إلقائها، أن هذه الأنشودة تعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وتؤكد تعظيم إيزيس كإلهة حامية للجبل الغربي في الأقصر، الذي يرقد فيه الأسلاف وأرواح الملوك السابقين، كما تقي الملك والسلطة في مصر القديمة من الشرور.

وتم تقديم الأنشودة بقيادة المايسترو نادر العباسي قائد أوركسترا وكورال الاتحاد الفيلهارموني، وموسيقى وألحان هشام نزيه، وغناء أميرة سالم بصحبة الكورال والسوليست.

ماذا تقول "أنشودة المهابة" التي شهدها حفل موكب المومياوات الملكية؟

اللغة القبطية

تم تحويل الأنشودة الفرعونية إلى اللغة القبطية، لإمكانية إلقائها، وهي تقول: 

أى رمت نترو

أن باجو

نتس حنوت وعت

سنج أن إيست بغ أن اس جت اف

سنج أن إيست انتس حنوت آمنت تاوى ام اسيبوى

سنج أن ايست ايرت رع ور حسوت ام سبات

سنج أن إيست ردى نس عات أن نيسو بيتى

الترجمة باللغة العربية

أما معنى تلك السطور في اللغة العربية:

يا أيها البشر والألهة الذين في الجبل

إنها السيدة الوحيدة

مهابة لإيزيس فإنها التى تلد النهار

مهابة لإيزيس فإنها سيدة الغرب والأرضين معا

مهابة لإيزيس فإنها عين رع عظيمة القدر في الأقاليم

مهابة لإيزيس فإنها التى تهب الكثير لملك مصر العليا والسفلى.

اللغة القبطية

هي آخر مراحل تطور اللغة المصرية القديمة التي ضمدت أمام الاحتلال البطلمي عام 303 ق.م- 30 ق.م، الذي جعل اللغة الرسمية في مصر هي اليونانية.

ولفترة استمرات قرابة 7 قرون، ظلت اللغة القبطية هي لغة الشعب المصري، حتى في ظل تبعية مصر للإمبراطورية الرومانية وسيادة اللغة اليونانية خلال الفترة بين 30 ق.م- 641 م، وتمت كتابتها بالاستعانة بالحروب اليونانية مع 7 حركات صوتية لم تكن موجودة في اليونانية.

من هي إيزيس؟

هي إحدى الآلهة في مصر القديمة، وانتشرت عبادتها في العالم اليوناني والروماني، وذكرت إيزيس للمرة الاولى في المملكة المصرية القديمة كإحدى الشخصيات الرئيسية في أسطورة أوزوريس، حيث أحيت زوجها الملك الإلهي المذبوح أوزوريس، وأنجبت له وريثه حورس وحمته.

وكان يُعتقد أن إيزيس ترشد الموتى إلى الحياة الآخرة، وتُعتبر الأم الإلهية للفرعون. ولعبت إيزيس دوراً في الترانيم الملكية وشعائر وطقوس المعابد، لكنها كانت أكثر أهمية في طقوس الدفن والنصوص السحرية.

موكب المومياوات الملكية

وشهدت مصر مساء السبت 3 أبريل الجاري، الحدث الأضخم في عام 2021، والذي حظى باهتمام عالمي كبير، حيث نُلقت مومياوات مجموعة من أهم الملوك الذين مروا على تاريخ مصر القديمة، من المتحف المصري إلى متحف الحضارة، الذي يقدمهم إلى الزائرين بصورة علمية تحاكي ماكانوا عليه في وادي الملوك في محافظة الأقصر.

والملوك والملكات الذين ضمهم الموكب بينهم 18 ملكاً و4 ملكات ينتمون جميعاً إلى عصر الأسرات الـ17، 18، 19 و20، وهم:  الملك رمسيس الثاني، رمسيس الثالث، رمسيس الرابع، رمسيس الخامس، رمسيس السادس، رمسيس التاسع، تحتمس الثاني، تحتمس الاول، تحتمس الثالث، تحتمس الرابع، سقنن رع، حتشبسوت، أمنحتب الأول، أمنحتب الثاني، أمنحتب الثالث، أحمس نفرتاري، ميريت آمون، سبتاح، مرنبتاح، الملكة تي، سيتي الأول وسيتي الثاني.

واكتشف علماء الآثار أغلب المومياوات الملكية في خبيئتين، الأولى "خبيئة الدير البحري" غرب محافظة الأقصر في عام 1881، والثانية "مقبرة الملك أمنحتب الثاني" في وادي الملوك عام 1898.

ليست المرة الأولى

وخلال الحفل، كشف وزير السياحة والآثار المصري الدكتور خالد العناني، أن رحلة الملوك والملكات القدماء ليست الأولى في التاريخ، فقد كان كل منهم مدفون في مقبرته قديماً، وفي عصور الضعف تم نقل جميع المومياوات إلى خبيئتين، هما خبيئة الدير البحري غرب محافظة الأقصر، التي تم اكتشافها عام 1881، وخبيئة مقبرة الملك أمنحتب الثاني في وادي الملوك عام 1898.

وبعد اكتشاف مومياوات الملوك والملكات في الأقصر تم نقلهم إلى متحف بولاق في نهاية القرن الـ19، لكن هذا المتحف تعرض لفيضان مياه، لذا تم نقل المومياوات مرة أخرى إلى أحد قصور الجيزة، لتكون المرة الثالثة التي ينقلوا فيها من مكان إلى مكان، وعند بناء المتحف المصري في عام 1902 تم نقل المومياوات إليه حتى عام 1931، حيث تم نقلهم إلى ضريح سعد زغلول، ثم عودتهم مرة أخرى إلى المتحف المصري في التحرير، والآن انطلقوا في رحلتهم السابعة والأخيرة إلى المتحف القومي للحضارة.

رسالة مصر السياحية إلى العالم

ويُعوّل على حدث "نقل المومياوات الملكية"، لفت نظر العالم تجاه مصر كوجهة سياحية فريدة وتحفيز السائحين من حول العالم لزيارة المقاصد الأثرية في مصر.

فالسياحة الثقافية التي يهتم خلالها السائح بزيارة المتاحف والمعابد الأثرية، تأثرت كغيرها من أنواع السياحة الأخرى بتداعيات أزمة كورونا، لتجد الحكومة المصرية في هذا الحدث فرصة ذهبية للترويج للمقاصد الأثرية في مختلف أنحائها سواء في القاهرة العاصمة أو الجيزة التي تستعد لافتتاح المتحف المصري الكبير الذي يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، أو في محافظة الأقصر التي توصف بأنها متحف مفتوح يضم أكثر من ثلث آثار العالم.

وتسهم السياحة الثقافية بنسبة تزيد على 25% من إيرادات القطاع السياحي في مصر، والتي سجلت نحو 13 مليار دولار في 2019، ثم تراجعت إلى نحو 4 مليارات دولار خلال 2020 بسبب أزمة كورونا، إلا أن ثمة مطالب بالعمل على الترويج للمقاصد السياحية الأثرية بشكل أكبر لزيادة مساهمتها في الإيرادات وأعداد السائحين الزائرين لمصر. 

اشترك في قناة سائح على واتس آب لجولات حول العالم